في عالم مليء بالتغيرات الاجتماعية والسياسية، يبقى مفهوم الوطن جزءًا أساسياً من هوية الفرد، ويعكس الوطن انتماءً وعلاقات عميقة مع الأرض والثقافة والتاريخ، ومع ذلك، فإن حلم الوطن قد يتبدد في ظل الظروف الصعبة، كما يحدث حالياً في اليمن، يجد أبناء هذا الوطن نفسه كالأشباح، يبحثون عن هوية لهم في أزقة المدن البعيدة، مشردين بين الأمكنة، وتائهين في خضم الصراعات والحروب التي تشنها المليشيا على أبناء الشعب اليمني.
اليمن، تلك الأرض الغنية بالتاريخ والجمال، أصبحت في السنوات الأخيرة ساحة لصراع مرير من قبل المليشيا والجماعات المسلحة الذين استباحوا كل شيء، من الموارد إلى الأرواح، هذه الفوضى السياسية والاقتصادية جعلت الكثير من اليمنيين يواجهون أوضاعًا إنسانية قاسية تهدد هويتهم وكرامتهم، كان الناس ينشدون الأمل، إلا أن الأمل أصبح كالأحلام المتبددة في زحام المدن الغريبة.
الوطن ليس مجرد حدود جغرافية، إنها مجموعة القيم والتقاليد التي تشكل هوية المجتمع ومع فقدان الأمل في بناء غد أفضل في الوطن، يضطر العديد من اليمنيين للبحث عن فرص حياة جديدة في بلاد بعيدة.
لكن تظل مأساة الاغتراب تطاردهم، حيث إنهم يشعرون بانفصام الهوية في الأماكن التي يضطرون للعيش فيها ففي كل زقاق يمرون به، يأتيهم إحساس الغربة، وكأن تلك المدائن ليست لهم.
التفكير في المستقبل أصبح مقلقًا، إذ يبدو أن الأوضاع الحالية لن تتغير قريبًا مع تدهور الوضع الأمني وازدياد صراع النفوذ، تكاد رؤية مستقبل يمزج بين الاستقرار والازدهار تصبح حلماً بعيد المنال.
الأجيال الجديدة تنشأ في بيئة من عدم اليقين، مما يؤثر على تطلعاتهم ومستقبلهم فهم مشردون، محاصرون بين الماضي الذي يحمل الكثير من الآلام والحاضر المتخم بالتحديات.
ومع ذلك، يبقى الأمل مشعاً في قلوب البعض، فحتى في أحلك الظروف، هناك من يسعى لإحياء هوية الوطن من خلال الثقافة والفن وتجد البعض منهم يجدد روحه الوطنية في الحفاظ على الإرث الثقافي، وضمان أن يبقى الشعب متحدًا، من خلال إنشاء جسور بين الماضي والمستقبل، ويمكن أن يكون بداية لتحقيق الهوية التي فقدت في زحام الفوضى.
لابد من الاعتراف بالتحديات الكبيرة التي تواجه أبناء اليمن، إن بحثهم عن الوطن في أزقة المدن البعيدة ليس مجرد رحلة جسد، وإنما هو بحث عن الهوية والسلام والكرامة، ويبقى الوطن، برغم كل ما مر به، يبقى بصمة في قلوبهم، وعلينا كأفراد ومجتمعات أن ندرك أهمية دعم أولئك الذين يسعون لإنقاذ روح وطنهم المحاصر بالفوضى.