آخر تحديث :الإثنين-15 ديسمبر 2025-05:18م

متى أرى العدل يمشي على قدميه؟

الخميس - 20 نوفمبر 2025 - الساعة 02:47 م
صلاح البندق

بقلم: صلاح البندق
- ارشيف الكاتب


في زمنٍ تتكئ فيه الحقيقة على عكاز الصمت، ويُكمم فيه صوت المظلوم بأوراق مزيفة من القانون، أجدني أصرخ في وجه الغياب: متى أرى العدل يمشي على قدميه؟

متى يكفّ عن التواري خلف جدران المكاتب، وعن الاختباء في دهاليز المصالح؟

متى يتجول في الأسواق، يربت على كتف الأرملة، ويجفف دمعة اليتيم، ويعيد للمقهور حقه دون وساطة أو رشوة أو تأجيل؟


العدل ليس شعاراً يُرفع في الخطب، ولا نصاً يُزين الدساتير.

العدل حياة، نبض، موقف، وسلوك.

هو أن لا يُهان الفقير لأنه لا يملك، ولا يُكرم الظالم لأنه يملك.

هو أن تُوزن القلوب قبل أن تُوزن الأوراق، وأن يُنظر في العيون قبل أن يُنظر في الملفات.


لقد تعبنا من عدلٍ أعرج، لا يصل إلا بعد فوات الأوان.

تعبنا من قضاةٍ يحكمون بعيونٍ مغمضة، ومن قوانينٍ تُفصل على مقاس الأقوياء.

تعبنا من أن نُطالب بحقوقنا وكأننا نرتكب جريمة، ومن أن نُحاكم على آلامنا وكأننا مذنبون.


متى أرى العدل يمشي على قدميه؟

يمشي بلا خوف، بلا تردد، بلا قيد.

يمشي في الحارات الفقيرة، في السجون المنسية، في المدارس المهملة، في المستشفيات التي تئن من الإهمال.

يمشي في وجوه الناس، في أحلامهم، في صيحاتهم التي ترتفع كل ليلة ولا تجد من يجيب.


العدل لا يُطلب، بل يُفرض.

لا يُرجى، بل يُنتزع.

وما دام فينا من يكتب، من يصرخ، من يرفض، فإن للعدل موعداً بإذن الله ..

وسيمشي، نعم سيمشي، على قدميه، شامخاً، ولو بعد حين.