ما جاء في المقال المنشور حول أحداث الوازعية في تعز دفعني للرد، إذ لم يكن تحليلًا سياسيًا حقيقيًا، بل استعراضًا ضيق النظر قائمًا على تحامل شخصي، مقدمًا الرأي الخاص باعتباره حقيقة مطلقة. وصف العميدين طارق وعمار بأنهما يعيشان في الماضي، متجاهلًا أن هذا الماضي كان له دور في تحديد موقع الحاضري ومكانته، وأنهما بلا وزن سياسي حقيقي، يعكس سوء فهم فادح للواقع، ويقلل من أهمية الخطوات العملية التي يقومان بها على الأرض في مواجهة تهديدات متعددة ومعقدة.
المقال يصر على تصوير المشهد في الوازعية على أنه "سفينة واحدة" معرضة للغرق إذا تحرك أي طرف بشكل مستقل، ويضع هذا التحذير ضمن خطاب أخلاقي مبالغ فيه، كأنه يدعو إلى تجميد المبادرات الحقيقية مقابل المحافظة على وهم الوحدة الوطنية. هذا النهج الأحادي لا يخدم السياسة، بل يخنق أي جهد إصلاحي أو مواجهة حقيقية للتحديات، ويحيل السياسة اليمنية إلى لعبة نظرية خالية من الجرأة والمخاطرة المحسوبة.
تضخيم الخطر الحوثي مع التقليل من خطر الجماعات المتمردة في الوازعية، وتحويل أي خطوة عسكرية محلية إلى كارثة محتملة، يوضح الهدف الحقيقي من المقال: إثارة الذعر والتأثير النفسي على صناع القرار، بدل تقديم قراءة واقعية للأحداث. تجاهل ديناميات الداخل، والتركيز على الخارج والدعم الإقليمي، يضع التحليل في خانة السطحية، بعيدًا عن الواقع الذي يُبنى على الأرض والتفاعل مع المجتمع المحلي ومكوناته.
اليمن لا يحتاج إلى مقالات تحذيرية سطحية، ولا إلى خطاب عن وحدة وطنية صورية، بل إلى رجال يجرؤون على اتخاذ قرارات صعبة، ويقيّمون المخاطر بذكاء، ويعيدون بناء واقع معقد دون الانجرار وراء الحسابات الجزئية أو التهويل الإعلامي. كل محاولة لتقييد الحركة السياسية بهذا الشكل ليست نصيحة، بل خنق للابتكار والمبادرة، وفشل في قراءة السياسة الحقيقية.
اليمن أكبر من مقالات التحذير، وأقوى من الخطابات المبالغ فيها، وهو بحاجة إلى رؤية واضحة وجرأة عملية أكثر من أي وقت مضى.