كلما هلَّ علينا نوفمبر، تعود الذاكرة لنبش يوم خالد محفور بمداد الفخر والإباء: ليُضاف إلى سائر الأيام شاهد حي على إرادة شعب قهر المستحيل، ورفض أن تظل سماءه محجوبة بغيوم الاحتلال.
في مثل هذا اليوم من عام 1967، أسدل الستار على حقبة طويلة من الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدر الجنوب العربي لأكثر من قرن وربع، تحديدًا منذ عام 1839. لم يكن نيل الاستقلال هدية مجانية، بل جاء ثمرة لنضال مرير، وتضحيات جسام، ودماء زكية سُفكت على مذبح الحرية.انطلقت شرارة الثورة من جبال ردفان، حاملة معها أحلام وأماني الشعب، ثورة مسلحة أعلنت بوضوح أن خيار التفاوض قد استُنفذ، وأن الطريق الوحيد للكرامة عبر البندقية والكفاح
ثورة عارمة توحدت فيها جهود المقاومة الوطنية، وتناسقت الصفوف في وجه اكبر قوة عسكرية تُعدّ الاقوى على مستوى العالم. معركة وجود كانت نموذجًا فريدًا في التفاف الشعب حول هدفه الأسمى، مقدّمًا دروسًا في الصمود والإصرار.
يا له من يوم مجيد ولحظة انتصار عظيمة أعلنت فيها بريطانيا انسحابها الكامل وغير المشروط، واضطرت بفعل ضغط الثوار إلى الخضوع الاستسلام،
لقد رفع العلم في عدن شامخا معلنًا نهاية دولة تُدار من خلف البحار، وولادة دولة تبنيها سواعد الأبطال والرجال.
هذا اليوم هو يوم الوفاء لكل شهيد سقط، ولكل مناضل عانى وراء قضبان السجن، ولكل أم ربت أبناءها على حب الوطن
30 نوفمبر يذكّرنا بأننا قادرون على تجاوز المحن، وأن الإرادة الوطنية التي أخرجت محتلاً عظيمًا، هي ذاتها القادرة على تحقيق السلام والاستقرار والرخاء.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، وكل عام ووطننا في عزة وشموخ.