د. علي عبد الكريم
السؤال أعلاه لا يمثّل جوهر الإشكال متعدد الأوجه الذي تمرّ به بلادنا المتشظّية أشطارًا. فجوهر الأزمة هو انعدام الرابط الوطني الذي تمزق بفعل عوامل داخلية وخارجية، تحاول اليوم الاصطياد في مياه حضرموت. وهنا يجب أن نقول لكل من يحاول العبث بهذه المياه:
انتبهوا… فالمياه الحضرمية عند لحظة الإحساس بالخطر تتحوّل إلى مياه جارفة، كما كانت عاد وثمود، وفي الأحقاف للتاريخ رصيد لا يُمحى.
حضرموت بتاريخها وحاضرها، بموقعها وثروتها، وبإنسانها الضارب جذوره في التاريخ، كانت ولا تزال نموذجًا مختلفًا عمّا أغرقت به بقية المحافظات من تشرذم وتشويه لمكونات راسخة الجذور. فعما يبحث المستجدّون على الأطراف؟ وهل يريدون أن يصبحوا عناوين تعيد تشكيل خرائط البلدان وفق قراءات بعيدة عن جوهر بناء البنيات الوطنية ذات التاريخ والتطلعات؟
ما يُثار اليوم حول حضرموت وما يُخلق داخل جغرافيتها من صراعات جانبية، وتوليد مظاهر تستزرع الخلافات، يماثل تمامًا ما يعتمل في بقية محافظات الجمهورية المتعبة. ويتم التلويح بخلق كيانات تتصارع في ميادين لا تخدم حضرموت أولاً، ولا تصبّ في مصلحة باقي المحافظات؛ سواء كانت عناوين الصراع تحت اسم بن حبريش، أو تحت خفة “طيران الريش” إن هبّت عواصف تشير إلى حراك تقوده مفارز الانتقالي أو غيره ممن ينشدون مصالح خارج وحدة الصف الحضرمي.
أمر كهذا نراه شركًا يراد منه إلحاق المزيد من الضرر بجسد محافظة نريد لها أن تكون نموذجًا لخارطة طريق وطنية، تمتلك كل المقومات كي تنهض بمهمة تاريخية كهذه.
فحضرموت لا ينقصها التاريخ ولا الخبرة ولا التجارب، ولا ينقصها الغطاء الثقافي والوعي المتشكل عبر محطات تاريخية صنعت متراسًا وأرضية صلبة، شريطة ألّا يتغوّل معول العبث في جغرافيتها وتاريخها وتطلعاتها.
لذا نقول لمن يحاولون جرّ خيباتهم إلى حضرموت – تلك الخيبات التي دمّرت وما تزال تدمر محافظات غيرها – إن عدن وصنعاء وتعز شاهدة، ولن نستثني مأرب أو شبوة وما زُرع فيها من أشواك دامية.
كفّوا… غادروا ساحة العبث.
ابحثوا عمّا ينفع حضرموت ويوحّدها أرضًا وإنسانًا.
فقد كفى ما نراه في لحج وأبين.
هذه كلمات نرسلها عبر “هاتف الريح”، لعلها تصل إلى من استسهلوا تدمير بلاد اسمها اليمن، التي مضى عليها عقد ونصف في دوامة الحرب. فلماذا تريدون إطالة الحرب مرة أخرى وعبر حضرموت؟
وحضرموت لن تسمح بذلك… وهذا هو عين اليقين.