في تاريخ الجنوب العربي، هناك رجال لم يمرّوا على الأرض مروراً عابراً، بل عبروا كالعاصفة… يهزون جذوع الظلم، ويشعلون الحرية في القلوب. ومن بين هؤلاء العمالقة يقف شيخ المناضلين، القائد المغوار/ محمد ناصر الجعري رحمه الله برحمته الواسعة، واقفاً كصخرةٍ في وجه الريح، وقائداً لا يساوم، ورمزاً لا ينطفئ مهما حاولت العصور طمس النور.
منذ الأربعينيات والخمسينيات.. والجعري يفتح صدور الرجال قبل جبهات القتال.
كان يزرع في الأمة يقين التحرّر، ويُلقّن المستعمر درساً بعد آخر:
أن الجنوب ليس أرضاً تُستباح… بل وطنٌ لا يحكمه إلا أبناؤه.
ومع بزوغ 14 أكتوبر وتوهّج 30 نوفمبر، سطر الجعري اسمه بمداد الثورة، لا كمناضلٍ عادي، بل كـ أيقونة المقاومة، وعرّاب الكفاح، وصوت الأرض التي تأبى الذل.
وايام النضال الحراك السلمي عام 2008م… في قرية امهيدان لودر، في القرية التي أنجبت شيخ المناضلين، يعود التاريخ ليطرق الأبواب بقوة. فمع اجتماع
المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستقلال دولة الجنوب، في منزل
شيخ المناضلين الجعري رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته.
أول مكوّن جنوبي يطالب بالاستقلال يولد من محافظة أبين، ترتفع الحقيقة واضحة كالسيف:
أن الجنوب الذي شيّد الجعري معالم كرامته..
لن يقبل العبودية تحت أي مسمّى.
وأن دماء الأحرار ليست حبراً على ورق…
بل عهداً لا يُنكث، ووعدًا لا يُؤجَّل، وراية لا تُخفض.
من هنا، من أرض الجعري، نقولها بصوت لا يرتجف:
لن يُؤخذ الجنوب رهينة.
لن يُباع في مزادات السياسة.
لن يُدار إلا بإرادة شعبه الحر.
إن إرث الجعري ليس قصة تُروى.. بل نارٌ تتقد في صدور الثوار.
هو ليس ذكرى… بل وصيّة تحرير يجب أن تُنفَّذ، وواجب وطني لا يسقط بالتقادم.
رحم الله أبا الأحرار محمد ناصر الجعري،
وجعل روحه نداءً دائماً يوقظ فينا الشجاعة كلما حاول الظلم أن يمدّ يده من جديد.
وليعلم العالم أجمع:
أن الجنوب الذي أنجب أمثال ابو الاحرار وشيخ المناضلين الجعري…
لن ينكسر… ولن يتراجع… ولن يتخلى عن حقه في الاستقلال.