آخر تحديث :الثلاثاء-30 ديسمبر 2025-01:37م

شجرة ديسمبر

الإثنين - 01 ديسمبر 2025 - الساعة 11:04 م
فاطمة احمد محمد البحيث

بقلم: فاطمة احمد محمد البحيث
- ارشيف الكاتب



كان صباح ديسمبر مختلفاً هذا العام

الهواء بارد، والضوء ساطع، وكأن السماء نفسها تحاول أن تقول شيئاً لم أفهمه بعد

جلستُ في ذلك المكان الذي كان يعني لي كل شيء، لكنه لم يعد كما كان.. المكان تغيّر… أو ربما القدر جعلني أراه متغيّر


كانت الشجرة العتيقة فوق رأسي تنفض أوراقها ببطء.. أوراق خفيفة تتحرك مع النسيم، كأنها تهمس قصصاً لا يسمعها إلا من ينصت إليها بروحه..

سندت ظهري على جذعها القاسي، وابتسمت بمرارة…

كم يشبه هذا الجذع بعض الناس: يقفون ثابتين، لكن قلوبهم قاسية.


جاءت نسمة خفيفة، هزّت أطراف الشجرة، وهزّت معها كل شيء داخلي..

فجأة عاد إلي كل ما حاولت الهروب منه هذا العام..

تذكرت تلك التي أخذها الموت، وكان الغياب أكبر من قلبي.

وتذكرت الثانيه الذي أبعده القدر دون أن يترك لي فرصة للتمسك بها.

واليوم… جاءت ثالثه ليس الموت أخذها ولا القدر أبعدها، بل هو اختيار أن ترحل بنفسها.


نظرت إلى الورود الصغيرة التي كانت تزيّن الشجرة… كانت تتساقط كأنها تعبّر عني، أو كأنها تواسي قلبي.

وردة… ثم أخرى… ثم أخرى..

وكأنها تقول لي بصوتٍ خافت:

لا أحد يبقى إلى الأبد، لكنك ستبقين بخير.


عندها فهمت شيئاً ظلّ غامضاً لوقتٍ طويل:

الناس ثلاثة أنواع…

من يأخذهم الموت بعيداً،

ومن يبعدهم القدر رغماً عنك،

ومن تختار قلوبهم طريقاً آخر غير طريقك.


رفعت رأسي إلى الشجرة، وشعرت بشيء يشبه السلام..

فهمت أن الفقد جزء من الدنيا…

وأن الله دائماً يعوّض… ولو بعد حين.


ومع كل ورقة تسقط، لم أعد أشعر بأنها تقول: لن يبقى لكِ أحد

بل أصبحت تُخبرني بلطف:

سيبدأ شيء جديد… فاصبري

#فاطمة ـ أحمد