آخر تحديث :السبت-13 ديسمبر 2025-07:09ص

صنعاء… الطريق الذي يُنهي كل خلاف

الخميس - 11 ديسمبر 2025 - الساعة 03:46 م
محمد العنبري

بقلم: محمد العنبري
- ارشيف الكاتب



إن اليمنيين اليوم يقفون على حافة الهاوية لا لأنهم ضعفاء بل لأنهم تفرّقوا حتى أصبحت قوتهم مُهدرة وتحوّلت طاقاتهم إلى شظايا متناثرة لا تصنع نصرًا ولا تُبقي وطنًا إن كل أزمة يعيشها اليمنيون ليست سوى نتيجة مباشرة لفقدان البوصلة الوطنية تلك البوصلة التي ضاعت حين انشغل الجميع بمعارك صغيرة وتركوا المعركة الكبرى يتراكم غبارها فوق جبال الانتظار.


لقد أصبحت الصراعات الداخلية مجرد دوائر مغلقة تستنزف العمر والقدرة والإرادة حرب تشتعل ثم تخبو ثم تتجدد دون أن تغيّر من حقيقة أن العاصمة لا تزال مختطفة وأن الدولة ما تزال مصادرة وأن القرار الوطني ما يزال محبوسا بين جدران الانقسام والارتهان كل طرف يهرب من مواجهة هذه الحقيقة العارية لا يدرك أنه بذلك يطيل زمن الفوضى ويُبقي اليمنيين أسرى وجع لا ينتهي.


إن الوطن اليوم بحاجة إلى لحظة وعي حقيقية لحظة يسمع فيها الجميع صوت اليمن قبل أصوات الزعماء ويرون خريطة الوطن قبل خرائط النفوذ ويقدمون استعادة الدولة على كل ما سواها اليمن بحاجة لقرار شجاع واحد أن تتلاشى الأصوات المتصارعة وأن تطوى مشاريع التشطير والانقسام وأن تتوحد كل القوى مهما اختلفت على مشروع واحد معركة استعادة العاصمة باعتبارها بوابة الدولة ومفتاح المستقبل.


إن الطريق نحو صنعاء ليس طريق بندقية فحسب بل طريق وعي وإرادة وقرار جمعي إنه الطريق الذي لا يتسع لأجندات الخارج ولا لمصالح ضيقة ولا لتحزبات تُطفئ ما تبقى من الروح الوطنية لا يمكن لوطن ممزق أن ينهض ولا لشعب منهك أن يستعيد حقوقه بينما تتجاذبه المواقف المتنافرة والطموحات المتناقضة.


حين يدرك اليمنيون أن معركتهم الحقيقية ليست مع بعضهم وأن استعادة دولتهم أهم من كل المكاسب الصغيرة سيتبين لهم أن الطريق أقرب مما يتصورون وأن القوة المبعثرة بينهم يمكن أن تتحول في لحظة وعي واحدة إلى قوة لا يمكن كسرها فمعركة استعادة صنعاء ليست خيارًا بل هي الخيار الوحيد القادر على إعادة ترتيب كل شيء وإحياء مؤسسات الدولة وفتح أبواب المستقبل أمام جيلٍ تعب من الانتظار.


هذا هو الطريق الذي لا يحتاج إلى بيانات مطوّلة ولا شعارات مرتفعة بل يحتاج إلى إرادة صلبة وإلى رجال صادقين يؤمنون أن اليمن أكبر من خلافاتهم وأن الوطن لا يُستعاد إلا حين تتكاتف الأيدي وتتقدم نحو الهدف بلا التفاف ولا تردد ولا ضوضاء.


إن اللحظة التي يقرر فيها اليمنيون أن يتحدوا من أجل صنعاء ستكون هي اللحظة التي ينهزم فيها الليل ويولد الفجر من جديد فمن أراد الخلاص فليتجه إلى هذا الطريق ومن أراد الدولة فليضع يده في يد أخيه ومن أراد اليمن فليترك معاركه الصغيرة جانبًا ويستعد للمعركة التي تستحق أن يخوضها.


فالوطن لا يعود بالتمني بل بوحدة الموقف وقوة الإرادة ووضوح الهدف استعادة العاصمة… واستعادة الدولة.

هذا هو الطريق… ولا طريق غيره.


محمد العنبري