آخر تحديث :الجمعة-19 ديسمبر 2025-01:08م

العجز العربي وتوحش إسرائيل: حين يغيب الردع وتُغتال العدالة

السبت - 13 ديسمبر 2025 - الساعة 04:32 م
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


في قلب المشهد الفلسطيني، حيث تتقاطع الجغرافيا مع الجراح، يتجلى مشهد مأساوي عنوانه الأبرز: "توحش إسرائيل"، الذي لا يمكن فصله عن حالة العجز العربي والتواطؤ الغربي. فمنذ عام 1948، لم تكن القضية الفلسطينية مجرد صراع حدود، بل كانت وما زالت مرآة تعكس موازين القوى، ودرجة التزام العالم بقيم العدالة وحقوق الإنسان.


إن تقاعس الدول العربية عن اتخاذ مواقف حاسمة، وعجزها عن تشكيل جبهة سياسية أو دبلوماسية فاعلة، منح إسرائيل هامشًا واسعًا لتوسيع استيطانها، ومواصلة سياساتها القمعية بحق الفلسطينيين.


أما الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، فقد اكتفى بدور الراعي الشكلي لعملية سلام دخلت غرفة الإنعاش منذ عقود، ولم تُستدعى إلا في مواسم الانتخابات أو لحفظ ماء وجه السياسات الغربية في الشرق الأوسط.


في ظل هذا الواقع، لم يكن غريبًا أن تتحرك فصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، في السابع من أكتوبر، كرد فعل على حصار خانق، وقتل ممنهج، وتشريد وتجويع طال سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.

لقد تحولت الأراضي الفلسطينية إلى سجن مفتوح، لا يُسمح فيه حتى بالتنفس بحرية، بينما تُصادر الأراضي وتُبنى المستوطنات تحت حماية دولية غير معلنة.


القانون الدولي، الذي يكفل للشعوب المحتلة حق الدفاع عن النفس، يُغض الطرف عنه حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين. بل إن الرواية تُقلب، فيُصوَّر الضحية جلادًا، ويُمنح المعتدي شرعية زائفة تحت ذرائع أمنية أو دينية.


إن الصراع في جوهره ليس سياسيًا فحسب، بل يحمل أبعادًا دينية وتاريخية عميقة، تغذيها خرافات وأساطير يعتنقها بعض صناع القرار في الغرب، ويسعون لترجمتها إلى قرارات دولية ومواقف منحازة.


وبينما تتراكم الدراسات والتقارير التي توثق المأساة الفلسطينية، يبقى الفهم العربي قاصرًا عن إدراك العمق التاريخي والنفسي لهذا الصراع، ما يفاقم من حالة الغياب والتخبط.


لقد آن الأوان لإعادة تعريف الموقف العربي، لا على أساس ردود الأفعال، بل من خلال استراتيجية شاملة تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، وتكسر دائرة الصمت والتواطؤ. فغياب العرب عن المشهد لا يملأه سوى مزيد من الدماء، ومزيد من التوحش.