في هذا الزمن العجيب، صار بعض الناس يعتقد أن الوطنية “ فلتر ”، وأن النضال “ ستوريات ”، وأن حب الوطن يُقاس بعدد الصور مع القيادات، لا بعدد المواقف عند الشدائد.
ظهر لنا جيل جديد من الوطنيين : وطني عند اللقطات.. وصامت عند اللطمات.
يصرخ : الوطن فوق الجميع، ثم ينهار عند أول فرصة وظيفة !
وهؤلاء يحتاجون نصيحة تليق بهم.. نصيحة تُضحك حتى الجدران من فرط وضوحها.
*العرب قالوا قديماً — وكأنهم رأوا زماننا هذا :*
*" لا ترافق حديث السن وحديث الغنى وحديث القيادة "..*
فهؤلاء ثلاثتهم يجتمعون في “ كبسولة ” واحدة :
شابٌ لا يعرف الفرق بين الوطن والمطعم، وغنيٌّ يظن أن الولاء يُشترى بالتحويلات، وقائدٌ اكتشف
“ حب الوطن ” يوم
سلّموه المقعد !
*" ولا تعاند قديم المهنة وقديم المعرفة وقديم الجيرة "..*
لأن من جرّب الزمن يعرف قيمة الوطن.. أما من جرّب “ حساب بنكي جديد ” فيعرف قيمة العمولات فقط.
*" ولا تطعن في نظيف الشرف والسمعة واليد " ..*
لأن هؤلاء يزعجون أصحاب الوطنية المؤقتة.. فهم لا يتسخون كي يُقارنوا بهم.
*" ولا تجامل قليل العقل وقليل الخبرة وقليل الخير "..*
هؤلاء أخطر على الوطن من الطابور الخامس.. لأنهم طابور خامس وسادس وسابع مجتمعين في
رأس واحد !
*" ولا تتحدى قوي الإيمان وقوي العضلات وقوي الذاكرة "..*
فصاحب الذاكرة القوية يفضح وطنيتهم السريعة التي تُصنّع في المختبرات الإعلامية خلال 24 ساعة.
*" ولا تشاور ضعيف الشخصية والنفس والحجة " ..*
فهذا يعطيك رأياً في السياسة.. وهو لا يستطيع أن يختار نوع العصير من دون استشارة !
*" ولا تتجاوز كبير القلب وكبير الهمة وكبير الميعاد "..*
لأن هؤلاء يقطعون الطريق على تجار الشعارات.. ويحرجون “ الوطنجيين ” الذين لا يعرفون من الوطنية إلا مقدمة خطبة الجمعة.
*" ولا تنس واسع الأفق وواسع الحيلة " ..*
فهو يعرف كيف يقود سفينة.. بينما الوطني الزائف لا يعرف يملأ استمارة.
*" ولا تُقنع ضيّق الخلق وضيق النظر وضيق التفكير "..*
فهو يرى الوطن غرفة نومه. ويرى الشعب قائمة أعدائه.. ويرى السياسة كيس قات !
*" ولا تجادل صغير العقل وصغير السن وصغير التجربة "..*
فهم أول من يصرخون : “ الوطن خط أحمر ”.. وآخر من يعرف أين يقع الخط !
الخلاصة الساخرة
الوطنية الحقيقية لا تُباع بالتقسيط، ولا تنمو في الظل، ولا تتغذّى على التصفيق.
أما الوطنية الزائفة.. فهي كالطبل: صوتٌ عالٍ.. وجوفٌ فارغ.
فإلى كل من يدّعي الوطنية:
خففوا ضجيجكم.. فالوطن لم يعد يحتمل الضوضاء.
وإن عجزتم عن خدمة الوطن..
فعلى الأقل لا تتصدروا المشهد لالتقاط الصور !