آخر تحديث :الخميس-18 ديسمبر 2025-07:40ص

القومية العربية .. والتحديات القائمة .!!

الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - الساعة 03:34 م
إبراهيم ناصر الجرفي

بقلم: إبراهيم ناصر الجرفي
- ارشيف الكاتب


ونحن نعيش هذه الفترة التاريخية الحرجة والمصيرية في تاريخ أمتنا العربية ، نتيجة استهدافها المباشر عبر التدخلات الخارجية السلبية في شئونها الداخلية من بعض المشاريع التوسعية الإقليمية والدولية ، فإن الحديث عن الإعتزاز والفخر بالقومية والتاريخ والحضارة العربية ، والحديث عن ضرورة مواجهة المشاريع التوسعية الاستعمارية الخارجية أياً كانت التي تستهدف هويتنا وقوميتنا وأرضنا وسيادتنا واستقلالنا وثرواتنا وتاريخنا وحضارتنا العربية ، قد بات ضرورة ملحة فرضتها الأحداث والظروف والتحديات والأخطار المحدقة من كل حدب وصوب ، ولم تعد مجرد ترف للمزايدة والمبالغة والتفاخر ، فما تتعرض له القومية العربية اليوم من استهداف ممنهج وتدخلات خارجية سافرة ، يستدعي صحوة قومية عربية يلتف حولها كل أحرار العرب ، صحوة تستدعي نبذ كل الخلافات والصراعات ، صحوة تدعوا إلى الاصطفاف العربي لمواجهة كل المشاريع والاجندات التوسعية الخارجية التي تستهدف العرب والعروبة والأرض العربية والثروات العربية والتاريخ والحضارة العربية ..!!


وهو ما يستدعي الوقوف بكل قوة وحزم ضد كل من يروج ويدعم أياً من المشاريع الخارجية التوسعية ، وخصوصاً ممن هم من أبناء جلدتنا ويعيشون بيننا ، والذين لهم دور كبير في خلخلة الصف العربي وإضعافه لمصلحة مشاريع واجندات خارجية توسعية تحت شعارات متعددة ، والذين أعلنوا الحرب والتمرد على الأنظمة القومية العربية وعلى المشروع القومي العربي ، والذين لم يترددوا عن السخرية والتهوين والتشويه بكل ما له علاقة بالعرب وتاريخهم وحضارتهم ، وذلك نتيجة ارتباطهم بمشاريع وأجندات خارجية ، وهكذا مواقف سلبية هي السبب الرئيسي لكل ما تتعرض له القومية العربية من معاناة وتخلف وتراجع وصراعات ، كيف لا والعديد من أبنائها يقفون مناهضين لها ، لمصلحة هويات وقوميات ومشاريع وأجندات خارجية ، وللأسف نراهم في كل شاردة وواردة وهم لا يترددون عن تصويب سهام النقد والسخرية منها ، وصولاً إلى التقليل والتصغير من شأنها ، ويحملونها نتائج تخاذلهم وتآمرهم ومواقفهم السلبية تجاهها ، وهم لم يقدموا من أجلها أي شيء يذكر ، حتى على الأقل مجرد الكلمة ، بل وصل الحال بالكثير منهم إلى الترويج بأن العنصر العربي متخلف وجاهل وغير مؤهل للقيادة والريادة ، وهم من أهم أسباب ذلك التخلف والجهل والتراجع ، وصولاً إلى التهكم بأن الأرض العربية مستعمرة ، وهم من أهم أدوات ذلك الإستعمار ، فهم من يروجون له ويجندون أنفسهم في خدمته ، ويقاتلون تحت إمرته كعملاء ومرتزقة وخونة لأوطانهم وهويتهم وقوميتهم العربية ، وأحد معاول الهدم لتاريخ وحضارة أمة عظيمة ..!!


ونحن نفتخر ونعتز بهويتنا وقوميتنا وحضارتنا العربية ، فإننا لا نصادر حق الآخرين في الإفتخار والإعتزاز بهويتهم وقوميتهم تحت مظلة الأخوة الإنسانية ، كما أننا لا نعلن العداء للهويات والقوميات الأخرى ، بل إننا نحترم كل الهويات والقوميات الإنسانية ، ونرفض التدخل في شئونها الداخلية ، وفي نفس الوقت نطالب الآخرين بالتوقف عن التدخل في الشئون العربية ، والتوقف عن استباحة الأراضي والثروات العربية ، وإحترام أبناء القومية العربية في إطار الاحترام المتبادل ، كما أننا لا ننكر بأن القومية العربية قد إنصهرت في بوتقة الحضارة الإسلامية ، لكن لا يعني ذلك مصادرة حقنا في الإفتخار والإعتزاز بهويتنا وقوميتنا وحضارتنا العربية ، ولا يعني اعطاء الحق للعناصر الأخرى باحتلال ارضنا ونهب ثرواتنا ( العنصر العثماني إنموذجا ) ، ولا يعني مصادرة حقنا في الإستقلال والسيادة على أرضنا ، كما أن ذلك لا يعني طمس هويتنا وقوميتنا وحضارتنا لمصلحة قوميات وحضارات أخرى ..!!


فإذا كان الإسلام قد دعى إلى وحدة الصف الإسلامي ، فإنه أقر وأعترف وأحترم التعدد القومي والحضاري ، قال تعالى (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )) ، فلم يصادر الإسلام هوية وقومية وحضارة أي أمة أو شعب أو حتى قبيلة لمصلحة هوية أو قومية أخرى ، حتى يسمح البعض لأنفسهم بمصادرة حقنا في الفخر والإعتزاز بهويتنا وقوميتنا وتاريخنا وحضارتنا العربية ، ومصادرة حقنا في الٱلتفاف حول مشروع قومي عربي جامع ، يمكننا من خلاله مواجهة كل التحديات والأخطار المحدقة بأمتنا ، ويمكننا من خلاله أن نكون قوة حضارية فاعلة تساهم بفاعلية في تطور وتقدم مسيرة الحضارة البشرية ، وتساهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين ..!!