آخر تحديث :الأحد-21 ديسمبر 2025-12:06ص

الشارع قال كلمته ، فماذا تقول القيادة ؟

السبت - 20 ديسمبر 2025 - الساعة 06:17 م
العلفي امذيب ناصر

بقلم: العلفي امذيب ناصر
- ارشيف الكاتب


في اللحظات المفصلية من تاريخ الشعوب، لا يكون الشارع هو المشكلة، بل يصبح القرار هو الامتحان الحقيقي للقيادات، والجنوب اليوم يقف أمام واحدة من تلك اللحظات الثقيلة، حيث تمدد الحضور الجنوبي جغرافيًا وسياسيًا، وارتفعت الأصوات في الساحات مطالِبة بإعلان الدولة الجنوبية.


هذه الاعتصامات بما تحمله من زخم جماهيري واسع ليست حالة انفعالية، بل تعبير صادق عن إرادة شعب أنهكته التسويات المؤجَّلة والوعود غير المكتملة.


الشارع الجنوبي لا يطلب المستحيل، لكنه يطالب بوضوح المسار وبقرار يوازي حجم التضحيات.


إن قيادة الجنوب، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي، تقف اليوم أمام مسؤولية تاريخية لا تقبل التأجيل أو الغموض. فدعوة الجماهير إلى الساحات ترفع سقف التوقعات، وأي فجوة بين الشعار والنتيجة ستتحول إلى عبء سياسي لا إلى ورقة قوة.


الاعتصامات يمكن أن تكون أداة ضغط ذكية تفرض مسارًا وطنيًا جديدًا، لكنها قد تصبح – إن لم تُدار برؤية واضحة – لحظة إنهاك للشارع وخسارة للثقة. وهنا يكمن الفارق بين القيادة التي تصنع اللحظة، وتلك التي تكتفي بإدارتها.


ليس المطلوب من القيادة إعلانًا متعجّلًا ولا قفزًا في الفراغ، بل المطلوب مصارحة سياسية شجاعة: أين نحن؟ وإلى أين نتجه؟ وما هو الإطار الزمني والخارطة الواقعية لتحقيق الهدف الجنوبي؟


فالشعوب تتفهم التعقيدات لكنها لا تتفهم الغموض.


لقد أثبت الشارع الجنوبي مرة بعد أخرى أنه حاضر عندما يُستدعى، وواعٍ عندما يُخاطب بصدق. أما اليوم فالكرة في ملعب القيادة لتحوّل هذا التفويض الشعبي إلى قرار سيادي، أو على الأقل إلى مسار واضح لا يبدد التضحيات.


إن التاريخ لا يرحم القيادات التي تضيّع اللحظات الفارقة، ولا يغفر لمن يرفع سقف الأمل دون أن يمتلك شجاعة القرار، والجنوب بكل ما قدمه، يستحق قيادة تقول الحقيقة وتتحمل مسؤوليتها كاملة، وتدرك أن هذه اللحظة قد لا تتكرر.


تحياتي

أبو عبدالوهاب العلفي

أمذيب …