شخصية اليوم هي الشيخ عيضة بن عبدالله بن سالم سلوم، من مواليد حُورة في ثلاثينيات القرن الماضي. والده هو الشيخ عبدالله بن محمد بن سالم سلوم، الذي تزوج من بنات آل باوزير بحُورة، وهي مريم بنت المرحوم سعيد بن طاهر، وأنجبت له ثلاثة أولاد وبنتًا واحدة، وكان أكبر الأبناء صاحب هذه السيرة: عيضة، ثم صالح ومحمد.
نشأ الشيخ عيضة في حُورة وتربّى فيها مع إخوته، وتعلّم في معلّامية حُورة. وعندما بلغ سنّ الشباب، عمل مع والده في الأراضي الزراعية الخاصة بهم في البلدة.
في سنٍّ مبكرة من شبابه، غادر الشيخ عيضة حُورة إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل في مجال التجارة. وبعد سنوات عاد إلى حُورة وتزوج من إحدى بنات آل بن جنيد آل باوزير من قرية الخدود، ورُزق بابنه الأكبر سعيد.
ومع بدايات اكتشاف النفط في السعودية وانتعاش الأعمال، طلب التحاق أسرته به، حيث كان يملك محلًا تجاريًا في مدينة الرياض. وخلال سنوات اغترابه هناك، أنجبت زوجته أبناءه: المهندس عمر، وعبدالرحيم، ومحمد، إضافة إلى بنت واحدة.
واصل الشيخ عيضة عمله في متجره التجاري، وكان على تواصل دائم مع أهله في حُورة عبر الرسائل والحوالات المالية. ومن أبرز ما تميّز به خلال فترة اغترابه حرصه الشديد على تشجيع أبنائه على التعليم، من المرحلة الابتدائية مرورًا بالإعدادية والثانوية، وصولًا إلى التعليم الجامعي.
تخرّج ابنه الأكبر المهندس سعيد، وعمل في عدة مجالات داخل المملكة العربية السعودية، وهو حاليًا مدير شركة في مملكة البحرين، ويحمل الجنسية البحرينية، وكذلك إخوته المهندس عمر والاقتصادي عبدالرحيم، بينما يُعد محمد أصغر الأبناء.
لم ألتقِ بالشيخ عيضة إلا بعد تقاعده وعودته إلى حضرموت، وتحديدًا إلى بلدته حُورة، وقد التقيت به عدة مرات في المكلا. أما أبناؤه فلم ألتقِ بهم مباشرة، وإنما كان التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال قروب أهل حُورة، رغم زياراتي المتعددة إلى السعودية لحضور مؤتمرات، إلا أن مدة إقامتي كانت قصيرة في كل مرة.
ومن الحوادث الإنسانية التي تُحسب للشيخ عيضة، وقعت قبل سفره إلى السعودية، خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وما رافقها من مجاعة في حضرموت بسبب شح المواد الغذائية.
فقد وجد طفلًا صغيرًا بالقرب من حُورة، وقد تركه أهله بسبب الفقر والجوع، ولم يُعرف له انتماء أسري. فأخذه الشيخ عيضة إلى بيته، واعتنى به، وأطلق عليه اسم عوض بن عيضة بن سالم سلوم، ونشأ في كنف آل سالم سلوم وأهلهم في حُورة حتى بلغ سن الشباب، وكان يُعامل كأحد أفراد الأسرة.
عمل عوض في عدة أعمال داخل حُورة، ثم غادر في شبابه إلى السعودية للعمل، وبعد عودته سكن في بيت تابع لأسرة الشيخ عيضة، وتزوج وأنجب أبناءً وبنتًا. وفي أواخر السبعينيات، تعرّف عوض على أهله الحقيقيين من أهل سيئون، فغيّر اسم العائلة إلى عوض باجراد.
ظلت العلاقة بين عوض وآل سالم سلوم علاقة طيبة ومبنية على الود والوفاء. وتمكّن عوض لاحقًا من بناء منزل خاص به، وانتقل من حارة آل سالم سلوم إلى الجهة الجنوبية من حُورة، قرب المدرسة الابتدائية الحكومية، فيما يُعرف بمنطقة الصدف.
كان الشيخ عيضة مثالًا في الأخلاق والقيم، وحب الناس، وحسن التعامل مع إخوته وأهله في حُورة. ورغم أنه لم يستقر طويلًا في مسقط رأسه، وكانت زياراته متقطعة، إلا أنه ظل مرتبطًا بها قلبًا وروحًا. وبعد وفاة أم أولاده، عاد مرة أخرى إلى السعودية، وبقي هناك بالقرب من أبنائه.
في أحد الأيام تعرّض لمرض أقعده حيث أصيب بجلطة دماغية وعاش بعدها سنوات متأثرًا بها، حتى وافته المنية رحمه الله ودُفن في مدينة الرياض، بعد حياة حافلة بالعمل والكفاح في طلب الرزق الحلال.
لقد كان الشيخ عيضة مثالًا لعديد من الآباء الحضارم الذين أفنوا أعمارهم في العمل من أجل تعليم أبنائهم، فكان أبناؤه نموذجًا للنجاح في حياتهم العملية، بما تحلّوا به من علم وأخلاق وسلوك حضرمي أصيل.
آمل أن أكون قد قدّمت سيرة وافية ولائقة للشيخ عيضة بن عبدالله بن سالم سلوم باوزير،
وإلى اللقاء في استعراض شخصية أخرى بإذن الله.