كان الأخ الشيخ ناصر عبدالله المنصري، منذ يومين، يُلحّ عليّ بالسفر لحضور لقاء يجمع مشائخ مكتب كلد يافع بني قاصد بمحافظة أبين، الذين يلتقون – وأظن وبعض الظن إثم – في جبل العلاة، مطرح الشيخ القبلي الراحل زيد بن علي العطوي ونجله الراحل علي زيد العطوي، رحمة الله تغشاهم.
بعد تواصل مع الصديق الشيخ صالح حيدرة العطوي وسالم بالليل الرهوي، ومكالمة من نائب شيخ المكتب الجديد بدر محسن علي العطوي تلقيتها، كل ذلك لم يُقنعني بالحضور، وأنا أنتمي إلى قبيلة آل يوسف، إحدى قبائل مكتب كلد.
والسبب أن بعض مشائخ كلد ليس لديهم قوة ولا قرار لحماية أنفسهم وتاريخهم وإرثهم العريق، بعد أن أضعفتهم المراحل السابقة التي أعقبت الاستقلال في الـ30 من نوفمبر 67م. فهم لم يتحدوا حتى يمتلكوا زمام المبادرة ويقتنعوا بأي قرار أو موقف يتخذونه. دخلوا دهاليز السياسة والمزايدة من أوسع الأبواب، الأمر الذي قوّض عزوة القبلي وأفقد القبيلة كلمتها، حتى لحماية نفسها وناسها.
هذه المشكلة لم تكن في مشيخة مكتب كلد، بل في معظم مكاتب يافع العشرة، فهم ضحية الأهواء والشعارات الزائفة، يتسابقون على عنوان «أدعي اليافعي ولا تستشيره».
في هذه الحرب المجنونة، طوال أحد عشر عاماً، بلغت إحصائيات الشهداء من كلد رقماً مهولاً من أعز الشباب، سقطوا في جبهات القتال، وهذا شرف لنا ولأهلهم. بينهم أبناء مشائخ، وشيخنا فضل محمد ناجي اليوسفي واحد من هؤلاء. وقبيلتنا آل يوسف خسرت قبل عامين شيخها القوي نصر بن علي اليوسفي، الذي كان بالنسبة لي السند القوي، ينصفني مظلوماً أو ظالماً، ليس من النوع الذي يُقفي ويتوارى عن صاحبه أبداً.
مسكين الشيخ ناصر المنصري، المتحمس للمشيخة، ومحاولاته إعادة اعتبارها بعد أن أضعفها أصحابها، ومعه الشيخ صالح حيدرة والشيخ سالم بالليل. عشية سفرهم كان يُمهّد لي المشاركة والسفر معهم، واتصل ببدر العطوي وصالح العطوي، بينما كان بيميني الأمير محمد بن غالب العفيفي، الذي كان على الصامت، لم ينبس بشفة في أهمية حضوري، كعادته.
في مهرجانات القاهرة يحاولون في الأعياد إحياء التراث الشعبي اليافعي، ولم ينجحوا، فقد طغت يافع العليا على الوجاهة والمناصب والمكاسب، ويافع السفلى ترفع الشعارات. وبالتالي هاتوا لي اسم شخصية من كلد أو يافع السفلى في منصب قوي محترم في محافظة أبين، أو حتى نائب وزير، بينما كانوا بالأمس وزراء وقادة في الجيش والأمن.
صدقوني، لقاء اليوم في مطرح العطوي، جبل العلاة، سرار، لن يُقدّم أو يُؤخّر، وأنا لا أتمنى ذلك، لكن هذه هي الحقيقة التي يتهرب منها الكثير. لهذا فقد أقحموا الأكاديمي البارز محمود علي عاطف شيخ مكتب، وهو ليس مستعداً حتى للحضور في مثل هذه المناسبات، ولا يحشر نفسه في القرارات المصيرية. الرجل راسخ في العلم والعمل الأكاديمي، وأيضاً السياسي بعض الشيء، ولا يمكن أن يكون قاسياً وشيخاً يحكم وينهي، ولا يمتلك حماية. وبالتالي سيصعد من ليس لهم صلة بالمشيخة إلى الواجهة، ومن حولهم الغوغاء والمطبلون، ويمنحونهم صفة الشيخ، وسيحكمون بتوفر المال والسلاح والحرس والحشم، وهو حاصل في مكتبنا كلد، ويستمر على أنف أصحاب الحق والإرث والتاريخ.
الخلاصة:
اقرأوا ما كتبت بحيادية، بعيداً عن النزق والشتم والتخوين والعاطفة، وكرروا القراءة: هل أنا صادق أم مجافٍ للواقع والحقيقة مرة ؟
حتى نلتقي ..سلاااااااااام