حوار / محمد وحيد المقطري
في زمن تتصاعد فيه الأزمات وتشتد الحاجة لصوت العقل والعمل الإنساني، يبرز من بين ركام الواقع شباب نذروا أنفسهم لخدمة المجتمع بصمت، دون انتظار أضواء أو منصات. وفي هذا اللقاء من سلسلة حواراتنا مع رواد العمل المجتمعي، نفتح نافذة مضيئة تطل بنا على تجربة شاب لم يُرِد أن يكون متفرجًا على وجع الناس، بل اختار أن يكون جزءًا من الحل.
نستضيف اليوم أكرم الحريري، الناشط المجتمعي ومدير مدرسة الجلاء في خورمكسر، الذي يحدثنا عن تجربته، شغفه، والتحديات التي يواجهها، ورؤيته لمستقبل العمل المجتمعي في مدينة لا تزال تنبض بالحياة رغم الجراح.
س1. عرفنا عن نفسك وطبيعة عملك؟
ج1: أنا أكرم الحريري، أعمل مديراً لمدرسة الجلاء في خورمكسر بمدينة عدن، بالإضافة إلى كوني مدرباً في برامج تطويرية وتنموية، وناشطاً مجتمعياً. أؤمن بأن التعليم والعمل المجتمعي وجهان لعملة واحدة، ودائماً ما أبحث عن الفرص التي تُمكنني من إحداث تغيير حقيقي في حياة الناس، خصوصاً فئة الشباب.
س2. هل مازلت مستمراً في مجال النشاط المجتمعي؟
ج2: نعم، وبكل شغف. النشاط المجتمعي بالنسبة لي ليس مجرد عمل تطوعي مؤقت، بل هو نمط حياة. ما دامت هناك احتياجات في المجتمع، سأبقى جزءًا من الحل.
س3. هل لديك أمثلة لناشطين مجتمعيين من مناطق أخرى في العالم؟
ج3: بالتأكيد، هناك نماذج ملهمة مثل "ليلى جنيد" من لبنان في مجال حقوق المرأة والتعليم، و"محمد يونس" من بنغلاديش، الذي أحدث ثورة في العمل المجتمعي من خلال فكرة التمويل الصغير. هذه الأسماء تثبت أن العمل المجتمعي يمكن أن يكون عالمياً في الأثر.
س4. ما هي أبرز التحديات التي تواجه الناشط المجتمعي في بلدك؟
ج4: هناك عدة تحديات، منها نقص الدعم المؤسسي، غياب بيئة تشريعية حاضنة، ضعف الوعي بأهمية العمل المجتمعي، وأيضاً الوضع الاقتصادي والسياسي الذي يلقي بظلاله على كل المبادرات.
س5. كيف يمكن للناشط تجاوز هذه التحديات؟
ج5: بالتسلح بالمعرفة، العمل بروح الفريق، بناء شراكات مع منظمات المجتمع المدني، والتعلم المستمر. المهم ألا يفقد الناشط شغفه رغم الظروف، وأن يدير جهوده بحكمة واستراتيجية.
س6. كيف يمكن تعزيز الدور المجتمعي بشكل مستدام على المدى الطويل؟
ج6: الاستدامة تأتي من التنظيم، بناء فرق ومؤسسات لها رؤية طويلة المدى، تدريب قادة جدد، وإنشاء شبكات دعم داخل المجتمع. الناشط الناجح هو من يخلق منظومة تستمر حتى بغيابه.
س7. هل هناك أمثلة ملهمة محلياً؟
ج7: نعم، هناك العديد من الزملاء في عدن الذين أطلقوا مبادرات ناجحة في مجالات مثل التعليم والصحة والإغاثة. حتى من يعمل بصمت دون أن تُسلط عليه الأضواء، هو ملهم بنظري.
س8. ما هي الأعمال المجتمعية التي يحتاجها المجتمع في ظل الأوضاع الحالية؟
ج8: نحن بحاجة لمبادرات دعم نفسي واجتماعي، برامج تعليمية تعويضية، تمكين اقتصادي، ونشر ثقافة السلم المجتمعي. الوضع اليوم يتطلب حلولاً واقعية تُلامس احتياجات الناس اليومية.
س9. ما دور الجهات المختصة في دعم الأنشطة المجتمعية؟ وهل هناك تعاون بينكم؟
ج9: هناك تفاعل متفاوت. بعض الجهات تبدي تعاوناً جيداً، ولكننا بحاجة إلى إطار مؤسسي أكثر تنظيماً ودعماً. نتمنى أن يكون هناك تكامل أكبر بين الجهود المجتمعية والمؤسسات الرسمية.
س10. ما هي رسالتك للمجتمع؟
ج10: رسالتي لكل فرد: لا تقلل من قيمة ما تستطيع تقديمه. التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، بكلمة، بمبادرة. لننتقل من دور المتفرج إلى صانع الأثر. مجتمعنا يحتاجنا جميعاً.
وفي ختام هذا اللقاء، نتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ أكرم الحريري على حضوره الكريم، وعلى صراحته وروحه المتفانية، كما نتوجه بالشكر لكل الجنود المجهولين الذين يصنعون الفارق كل يوم، بصمتٍ وشغف.