مكتب الأوقاف عامل مساعد للسلطة المحلية في مكافحة ما يهدد المحافظة من مخاطر من ضمنها المخدرات*
*أعددنا برنامجاً لزيارة جبهات القتال ضد الحوثي بمديريات حريب وعين وبيحان ومرخة**
..................
*جمال شنيتر*
*مقدمة*
عرفت محسن المجرحي قبل بضع سنوات في إحدى مناطق شبوة الريفية، كان ذلك قبل أن يتولى إدارة مكتب الأوقاف، التقينا في مرات متفرقة، ولم تكن إلا لقاءات عابرة في مجملها، كلما قابلته رأيت الابتسامة ترتسم على محياه تلقائيا بعيدا عن التصنع والتكلف، جاء محسن ذلك الشاب الريفي القادم من عمق التقاليد القبلية، وغيره من الشباب في مناطق المحافظة، ليشكلوا جيلا جديدا عنوانه محبة الله ورسوله وصفاء الذهن وبياض القلب، جيلا استثنائيا يتكي على دعوة الإسلام السمحاء، يستمدون من قيمه وفكره المستنير حياة تقود الناس إلى النور والخير والهداية والأخلاق والقيم النبيلة، محسن وأمثاله من شباب الدعوة يتطلعون إلى حياة أفضل للناس، تخرجهم من التقاليد السلبية التي اكتوت بها المحافظة الرابعة شبوة، لعل أهمها كان الثأر تلك الظاهرة الأكثر عنفا وألما ووجعا التي دفع ثمنها أبناء شبوة على طوال سنوات طوال، غير أن انتشار الدعوة السلفية في ريف شبوة شكل منعطف إيجابيا مهما في حياة الناس.
في أول أيام الدوام الأسبوعي صباح امس الأحد، توجهت إلى مكتب الأوقاف والإرشاد بالمحافظة، هي لم تكن زيارتي الأولى، فقد سبق وأن حضرت بعض الأنشطة التي أقامها المكتب .. بترحاب شديد وبابتسامته المعهودة التي يقابل بها كل من وجده امامه، استقبلني الشيخ محسن محمد المجرحي مدير عام مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة شبوة.
كان مكتب المدير خلية نحل من رؤساء الأقسام والموظفين، حضر النائب الأستاذ أحمد بن صائل، ومدير أوقاف مديرية عتق الشيخ عبدالعزيز بن صائل وآخرين، وعلى الرغم من انشغال المدير المجرحي ببعض معاملات، إلا أننا أخذنا من وقته قرابة الساعة في هذه الزيارة التي جمعت بين الاستطلاع والحوار، طرحنا عدد من الأسئلة، وأجاب المدير بكل شفافية وصدق واختصار، لكن قبل ان نخوض في الحوار، اكتب هنا عن مشاهداتي ، فكان ماشدني الروح الجماعية التي يتميز بها المكتب بقيادة المدير العام الذي تمكن من قيادة فريق عمل متناسق وفاعل يعمل بروح محفزة، وتلك هي كلمة السر التي أحدثت تغييرات إيجابية كبيرة طرأت على أداء المكتب منذ تولي الشيخ المجرحي، وعادت إلى حد ما هيبة الدولة على المؤسسة الدينية في هذه المحافظة، هذا الأمر يتضح جليا لكل من هو قريب من اهل الدعوة وعلاقتها بمكتب الأوقاف، فقد كانت خلال سنوات طوال مضت تدور في حلقة مفرغة وتغرد خارج السرب، كما أن سعة صدر المجرحي كمدير متزن ومتوازن يمثل سلطة الدولة وتعامله مع جميع التوجهات، مكنته من ضبط بوصلة تعدد الجماعات في علاقتها بمكتب الأوقاف، وهو أمر ليس بالسهل في مجتمعنا المتعدد الأفكار والمدارس.
*مهام متعددة*
في بداية حديثه عدد مدير مكتب الأوقاف والإرشاد الشيخ محسن المجرحي المهام التي يقوم بها المكتب، ومنها "حصر الأوقاف بالمحافظة سواء كانت أوقاف عينية أو أوقاف عامة، والإشراف المباشر من القائمين عليها، ومعرفة كيفية التصرف بها، بالإضافة إلى تعيين الأئمة والخطباء والمدرسين في المساجد ودور العلم الشرعي، والإشراف على خطب الجمعة والأصل أنها تعد من المكتب وتوزع، لكن لم يعمل بهذا من سابق وترك لليوم، ونأمل من السلطة العليا تمكين المكاتب من ذلك، كما أن مهامنا الإشراف على حلقات التحفيظ والمراكز الصيفية وغيرها من الأنشطة، وكذلك الإشراف على المقابر ومصليات العيد حسب النظم والقوانين".
*انجازات*
سألته عن أهم الإنجازات التي حققها المكتب منذ تولى إدارة المكتب؟ فرد قائلا "نحمد الله -سبحانه وتعالى- حمدا كثيرا طيبا مباركا فهو المتفضل وهو المعين، ثم نشكر قيادة المحافظة، وعلى رأسها الشيخ المبارك أبو محمد عوض ابن الوزير محافظ المحافظة على ما يقدم ويبذل، ونسأل الله العظيم أن يمده بالبطانة الصالحة، وأن يوفقه لما فيه الخير والصلاح، أما بالنسبة للإنجازات، فقد تم تفعيل اللقاءات المتكررة بالأئمة والخطباء، وتزويدهم بالدورات في المكتب التي من خلالها تكون لديهم القدرات البلاغية، كما تمكنا من الإشراف على الخطب ومتابعتهم، وألزمنا المؤذنين بوقت موحد حسب التقويم المعتمد لكل مديرية، ونظمنا نزولات للعالم الفلكي الحضرمي سالم الجعيدي إلى المحافظة أكثر من أربع مرات، وذلك لإعداد التقاويم الخاصة بمواقيت الصلاة، وكذلك دورة لأبناء المحافظة في مجال معرفة مواقيت الصلاة وعن الخطيب الناجح، ودورة توعوية لمعرفة عقائد الرافضة الفاسدة، وكذا عن جريمة الانتحار ومحاربة العقائد المنحرفة والإلحاد، ودورات إرشادية للحجاج والمعتمرين، وأقمنا عدة مسابقات لحفظ القرآن الكريم، كما شاركنا في المسابقة الكبرى لمحافظات الجمهورية، وعقدنا عدة لقاءات مع أصحاب مراكز الرقية الشرعية، ووجهناهم وحذرناهم من أية مخالفات في أعمالهم، كما نجتمع بالحجاج كل سنة لتبصيرهم بمناسك الحج، ولقاءات أخرى بأصحاب وكالات الحج والعمرة".
ويضيف مدير عام أوقاف شبوة " عملنا على طباعة عدة مطويات توعوية في المخدرات وأضرارها على المجتمع، والاختلاط وضرره، وبيان ما للولاة من حق السمع والطاعة، ونصائح وإرشادات للجنود البواسل في جبهات القتال ضد الحوثي، وبيان للعقائد الحوثية الفاسدة، حيث أعددنا برنامجاً لزيارة الجبهات بمديريات حريب وعين وبيحان ومرخة وغيرها، كما أعدنا تقييم دور مكاتب الأوقاف بالمديريات، وأعدنا هيكلة الأوقاف بالمديريات، وأصدرنا قرارات بتعيين مجموعة ممن لديهم كفاءات عالية وشهادات جامعية كمدراء للأوقاف في عدد من المديريات، وبالإضافة إلى ذلك أصدرنا أكثر من 50 تعميماً للخطباء في مواضيع متعددة تدعو الحاجة إليها ، وأقمنا عدة دورات للعلوم الشرعية في بعض المديريات، ناهيك عن عدد من الأنشطة التي يطول الحديث عنها".
*التوعية من خطر المخدرات*
كان لمكتب الأوقاف دور كبير في الفترة الأخيرة في التوعية بخطورة المخدرات في المجتمع، وفي مقدمتها الشبو، وبهذا الصدد يؤكد الشيخ المجرحي "أن مكتب الأوقاف عامل مساعد للسلطة المحلية في مكافحة ما يهدد المحافظة من مخاطر من ضمنها المخدرات، وقد عملنا دورة في خطورتها، وعملنا عدة خطب ومواعظ في هذا الجانب، وناشدنا الجهات الأمنية بعدم التهاون في هذا الشأن".
في إجابته على سؤال حول دور المكتب في تصحيح رسالة المسجد عند خروجها عن الضوابط أو في حالة الاستغلال السياسي، أوضح أن مكتب الأوقاف يقوم بدور مهم في التحذير والمنع من ذلك، مع المقاربة والتسديد في ظل ما تمر به البلاد من احتقانات وزرع للفتنة.
*شح الحافز*
وحول شكوى الأئمة والمؤذنين من شح الحافز الذي يصرف لهم، أوضح "أن هذه المشكلة من أعظم العوائق التي نواجهها في إيصال رسالة المسجد، بل قل هي أم العوائق، فالحافز الذي يصرف للأئمة والمؤذنين لا يصرف لأي موظف في سائر المكاتب بعموم الجمهورية، ونحن في مكتب أوقاف شبوة لدينا 1007 مابين خطيب ومؤذن يستلمون من 2000 ريال يمني فقط، ويجمع بعد كل ستة أشهر بمجموع 12 ألف ريال فقط، فهذا العائق تركنا لا نستطيع أن نلزم أي خطيب أو إمام بأي عمل؛ لأنك لا تقدم لهذا الإمام أو الخطيب شي، ونرى أن الحلول ترجع إلى الوزارة، وبالفعل قابلت الشيخ محمد بن شبيبة وزير الأوقاف والإرشاد، واستغرب هذا الأمر، ووجه للجهات المعنية بالوزارة في متابعة هذا الأمر".
*حصر الأوقاف*
سألته بشأن حصر ممتلكات الأوقاف بالمحافظة، وقال مجيبا" هذه نقطة مهمة، ونحن نذكر بكل شفافية أن مكتب الأوقاف لم يكن لديه أي وقف تابع له إلا 15 محلاً في منطقة بئر علي بمديرية رضوم، وهي منتهية ومتهالكة تحتاج سقفاً وترميماً، كما توجد هناك أوقاف يسيرة تابعة لجوامع ومساجد تقوم بها أما في جانب المياه، أو اضاءات مسجد، أو حافز لمؤذن أو إمام فقط.
*بناء المساجد*
عن بناء المساجد وعلاقة المكتب بذلك، وهل هناك اشتراطات لبناء المساجد، أجاب "بالنسبة للمساجد تبنى عن طريق أهل الخير، وأريد أن أوضح هنا أنها لا توجد للمكتب أي اعتمادات لافي بناء مساجد ولا صيانتها، ولا مياه للمساجد ولا كثير ولا قليل، هذه الأمور لا تقوم بها الدولة، هذا ما وجدناه حاليا، وإنما هذه الأمور قائمة على أهل الخير، أحيانا يكون مع المكتب أرض تقطعها الدولة في المخططات، فتعطيها فاعل الخير ليبني عليها المسجد، وأما عن الشروط، ليس هناك شروط، إلا أن المسجد يسلّم بعد البناء للأوقاف، ويكون تحت إشرافها، وهذا نعانيه كثيرا، لأن هذا الأمر كان مسيب لا يعمل به، وكل جماعة وكل طائفة أو حزب يبني له ما يشاء والدولة غائبة.
*صعوبات*
وعن أهم الصعوبات والمعوقات التي يعانيها المكتب، قال "الصعوبات عديدة، منها ضعف حوافز الأئمة والخطباء، وافتقار مدراء الأوقاف بالمديريات للحوافز، لا يوجد لديهم شي، هم متطوعون فقط، كما أن المكتب يفتقر للاعتمادات والصلاحيات، حتى البترول والديزل لا يوجد، ونواجه مشكلة في تحركات الدعاة وأنشطتهم لافتقارنا الامكانيات.
