آخر تحديث :الإثنين-14 يوليو 2025-08:28م
العالم من حولنا

لاجئون من صنع الخيال: الذكاء الاصطناعي يجسّد معاناة بشرية ويشعل جدلًا عالميًا حول أخلاقيات العمل الإنساني

الإثنين - 14 يوليو 2025 - 02:28 م بتوقيت عدن
لاجئون من صنع الخيال: الذكاء الاصطناعي يجسّد معاناة بشرية ويشعل جدلًا عالميًا حول أخلاقيات العمل الإنساني
عدن الغد / متابعات

في تجربة مثيرة وصادمة، لجأت جامعة الأمم المتحدة عبر مركز بحوث السياسات التابع لها إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتجسيد شخصيات لاجئين افتراضيين بهدف تسليط الضوء على معاناة ضحايا النزاعات المسلحة، وتحديدًا في السودان، مما أثار موجة واسعة من الجدل الأخلاقي على مستوى العالم. المشروع الذي نُفذ ضمن مادة دراسية بعنوان "الذكاء الاصطناعي للوقاية من النزاعات" بجامعة كولومبيا، تحت إشراف البروفيسور إدواردو ألبريخت، وبالتعاون مع الباحثة في سياسات الذكاء الاصطناعي بالأمم المتحدة إلينور فورنييه، استخدم شخصيات افتراضية أبرزها "أمينة" – لاجئة سودانية رقمية تروي قصتها من داخل مخيم تشادي بعد فرارها من العنف في مدينة الجنينة عام 2023، وذلك عبر محادثة تستمر لثلاث دقائق باستخدام تقانة سماعات رأس تفاعلية، وصوت رقمي يحاكي البشر. كما شملت التجربة شخصية "عبد الله"، وهو قائد افتراضي في قوات الدعم السريع، المتهمة بانتهاكات واسعة في إقليم دارفور. وقد طُورت هذه النماذج باستخدام منصة HeyGen، بالاعتماد على نموذج لغوي من OpenAI وتقنيات استرجاع معلومات متقدمة، وربطها بقاعدة بيانات إنسانية ضخمة. ووفقًا لاختبار أجري على "أمينة"، أجابت على 16 من أصل 20 سؤالًا حول واقع اللاجئين بدقة بلغت 80%. إلا أن المشروع أثار انتقادات حادة في ورشة عمل ضمت ممثلين عن منظمات إغاثية، عبّر بعضهم عن انزعاجهم من استبدال البشر بصور رقمية قد تساهم في تسطيح الألم الإنساني وتحويله إلى مادة عرض تقني مجرد، في حين أشار آخرون إلى خطر ترسيخ صور نمطية أو منحرفة عن اللاجئين، مما قد يؤثر على قرارات المانحين. ورغم تأكيد القائمين عليه أن الهدف لا يتعدى كونه تجربة بحثية لا تستبدل أصوات المتضررين، بل تثير نقاشًا حول دور التكنولوجيا في الأعمال الإنسانية، فإن كثيرين حذروا من إمكانية استغلال مثل هذه الأدوات في تقارير أو حملات إعلامية على حساب الحقيقة والتمثيل الواقعي للمعاناة. ويؤكد ألبريخت أن الذكاء الاصطناعي يحمل تحيزات منشئيه، فيما ترى فورنييه أن تسارع اعتماد المنظمات على هذه الأدوات لتحقيق الكفاءة وخفض الكلفة قد يأتي على حساب المبادئ والقيم الإنسانية. وبينما يرى البعض أن هذه النماذج قد تُستخدم مستقبلاً كمساعدات تقنية في التفاوض أو تحليل البيانات، فإن المخاوف تبقى قائمة من أن تتحول إلى أدوات لصناعة واقع افتراضي لا يمتّ بصلة لآلام المتضررين.