تفاوتت ردات الفعل الإقليمية والدولية المنددة بالعدوان الإسرائيلي الذي استهدف اليومين الماضيين، مواقع في العاصمة السورية دمشق، من بينها قصر الرئاسة ومبنى رئاسة الأركان في وزارة الدفاع، وسط دعوات إلى وقف التصعيد وحماية المدنيين.
وفي الإطار، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إن الولايات المتحدة تأمل نهاية التصعيد الحالي بين سورية وإسرائيل، مضيفاً في تصريحات للصحافيين: "... هناك سوء تفاهم بين الجانبين، ونتحدث معهم لخفض التصعيد خلال الساعات المقبلة والعودة إلى طريق مساعدة سورية في بناء دولة مستقرة". وفي تطور لافت، نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤول أميركي قوله إن "المعلومات الاستخبارية لا تظهر أي تورط للحكومة السورية في الفظائع التي ارتُكبت في محافظة السويداء"، محذراً في الوقت نفسه من أن "الساعات المقبلة قد تقوّض بشدة التقدم نحو اتفاقية أمنية جديدة بين إسرائيل وسورية".
في موازاة ذلك، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الضربات الجوية الإسرائيلية في سورية. وقال المتحدث باسم غوتيريس، ستيفان دوجاريك، في بيان إن "الأمين العام يدين أيضاً الضربات الجوية التصعيدية الإسرائيلية على السويداء ودرعا ووسط دمشق، وكذلك التقارير عن إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في الجولان".
بدوره، أعرب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، عن قلقه إزاء الوضع في دمشق بعد الغارات الإسرائيلية على العاصمة السورية. وغرد كوستا في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "يجب احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها". وأضاف: "أدعو جميع الأطراف إلى الإحجام عن العنف، وإلى تهدئة التصعيد".
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن إدانتها الشديدة لما وصفته بـ"الانتهاكات ضد المدنيين في سورية"، مؤكدةً ضرورة "وقف الاشتباكات فوراً"، وذلك في وقتٍ اجتاز فيه أكثر من 1000 من دروز فلسطين المحتلة الذين يخدمون بجيش الاحتلال، الحدود الفاصلة بين إسرائيل وسورية ونُقلوا عبر مركبات إلى أراضي الأخيرة لتقديم "المساعدة لدروز السويداء الذين يتعرضون لانتهاكات جسيمة من جانب مسحلين تابعين للنظام في دمشق"، وفق ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية، عن أحد الدروز الذين اجتازوا الحدود. وبالتوازي، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجمات جويّة على مناطق متفرقة في دمشق ودرعا والسويداء، أوقعت قتلى وجرحى سوريين.
وفي السياق، رأت وزارة الخارجية التركية أن الغارات الإسرائيلية بمثابة "محاولات متعمدة لتخريب مساعي إرساء السلام والأمن في المنطقة"، داعيةً إلى "ضبط النفس وعدم الانجرار إلى مزيد من التصعيد". من جهتها، نقلت وكالة "الأناضول" عن مصادر دبلوماسية تركية أن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري أسعد الشيباني، أعرب فيه عن قلقه من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت جنوبي سورية والعاصمة دمشق، وشدد على "ضرورة إنهاء التدخلات التي تهدد الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في سورية"، داعياً إلى إنهاء تلك التدخلات "التي تهدد الأمن الإقليمي، بأقرب وقت".
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مساء اليوم، تعليقاً على الاعتداءات الإسرائيلية على سورية أن "ذلك كان متوقعاً"، معرباً عن أسفه الذي أتبعه بتساؤل مفاده: "ما العاصمة التالية؟ إن الكيان الصهيوني الوحشي والمنفلت من كل القيود لا يعرف حدوداً ولا يفهم إلا لغة واحدة". ودعا عراقجي العالم، بما في ذلك المنطقة، إلى "أن يتوحد لإنهاء هذا العدوان الجنوني"، مضيفاً أن "إيران تدعم سيادة سورية ووحدة أراضيها، وستبقى دائماً إلى جانب الشعب السوري"، حسب قوله.
وفي ردة فعل إقليمية، أدانت جامعة الدول العربية بأشد العبارات الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على سورية، ووصفتها بأنها "اعتداء صارخ على سيادة دولة عضو في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة"، وفق بيان صدر عن الأمانة العامة للجامعة مساء الأربعاء. وأكد البيان أن "الهجمات التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي تمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي واستهانة سافرة بقواعد النظام الدولي"، مشدداً على أن "ما يقوم به الاحتلال يعد بلطجة سياسية وعسكرية لا يمكن للمجتمع الإقليمي أو الدولي القبول بها أو تمريرها". وأضافت الجامعة أن "الغارات الإسرائيلية تستهدف زرع الفوضى في سورية في وقت دقيق تمرّ فيه البلاد بمرحلة سياسية وأمنية حساسة"، معلنة تضامنها الكامل مع سورية في وجه هذه الاعتداءات، ومناشدة الحكومة السورية "الإسراع في نزع فتيل الفتنة والحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها".
في السياق، استنكرت الإمارات بشدة الغارات الإسرائيلية على المنطقة"، مؤكدة رفضها التام لانتهاك سيادة سورية وتهديد أمنها واستقرارها. وجددت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان تأكيد موقف دولة الإمارات "الثابت تجاه دعم استقرار سورية وسيادتها على كامل أراضيها، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري، ودعمها المساعي كافة التي تهدف إلى تحقيق تطلعاته إلى الأمن والسلام والحياة الكريمة، والتعايش السلمي والتنمية".
أما مجلس التعاون الخليجي، فقد أدان في بيان رسمي "بأشد العبارات" الهجمات التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الجمهورية العربية السورية الشقيقة"، داعياً المجتمع الدولي إلى "تحمّل مسؤولياته تجاه أمن المنطقة واستقرارها".
ورأى المجلس في بيانه الصادر من مقره في الرياض أن الهجمات الإسرائيلية "تمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة الجمهورية العربية السورية، وخرقاً للقوانين والأعراف الدولية، ومساساً خطيراً بالأمن والاستقرار الإقليميين". واعتبر أن "استمرار هذه الهجمات المتكررة والمتواصلة من قوات الاحتلال الإسرائيلي يعد تصعيداً غير مسؤول واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة". وشدد البيان على موقف مجلس التعاون "الثابت والداعم لوحدة سورية وسلامة أراضيها، ورفضه التام لأي تدخل خارجي يمس بسيادتها أو يفاقم من معاناة شعبها الشقيق".
بدوره، أدان الرئيس اللبناني، جوزاف عون، "بأشد العبارات" الاعتداءات الإسرائيلية المكرورة على الأراضي السورية، معتبراً أنها "تُشكّل انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة عربية شقيقة وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". وأكد عون أنّ "استمرار هذه الاعتداءات يُعرّض أمن المنطقة واستقرارها لمزيد من التوتر والتصعيد"، مُعرباً عن "تضامن لبنان الكامل مع سورية شعباً ودولةً"، ومجدداً "دعوته المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته والضغط بكل الوسائل وفي المحافل كافةً، لوقف الاعتداءات، واحترام سيادة الدولة ووحدة أراضيها".
بدورها، وصفت الجزائر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على سورية بأنه انتقال إلى مرحلة بالغة الخطورة، عبر استهدافه مؤسسات حكومية ومنشآت مدنية في كل من العاصمة دمشق ومدينة السويداء، وحذرت من تداعيات هذه التطورات. وأكد بيان للخارجية الجزائرية أن "الاحتلال الإسرائيلي يواصل تصعيده المستمر في المنطقة، ويفتح جبهات العدوان الواحدة تلو الأخرى، في إطار سعيه لبسط جبروته وتكريس هيمنته على دول المنطقة وشعوبها دون أي حسيب أو رقيب". ودانت الجزائر بشدة هذا العدوان، ووصفته بـ"السافر والانتهاك الصارخ لسيادة سورية وحرمة أراضيها ووحدة شعبها"، معربة عن "تضامنها الكامل مع هذا البلد الشقيق ومع حقه الشرعي والمشروع في الحفاظ على أمنه واستقراره". ودعت الجزائر بشكل ملح مجلس الأمن الدولي إلى تحمّل المسؤولية ووضع حد لهذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة "التي أدخلت المنطقة بأسرها في دوامة من انعدام الأمن وغياب الاستقرار دون أي أفق لتهدئة الأوضاع وفرض سيادة القانون الدولي".