آخر تحديث :الجمعة-18 يوليو 2025-03:27م
وفيات

ذكرى رحيل فقيد الدعوة الحبيب العلامة علي بن محمد بن علي بن شهاب الدين، رحمه الله آمين

الجمعة - 18 يوليو 2025 - 12:17 م بتوقيت عدن
ذكرى رحيل فقيد الدعوة الحبيب العلامة علي بن محمد بن علي بن شهاب الدين، رحمه الله آمين
(عدن الغد) خاص:


يوافق يوم الثالث والعشرين من شهر محرّم الذكرى السنوية لرحيل فقيد الدعوة السيد العلامة الداعي إلى الله الحبيب علي بن محمد بن علي بن أبي بكر بن شهاب الدين، الذي إنتقل إلى رحمة الله تعالى صباح يوم الإثنين الثالث والعشرين من شهر محرم عام 1438 هجرية عن عمر ناهز السابعة والتسعون عامًا قضاها في التربية والتعليم والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأعمال الخير والبر والتقوى والنفع العام.


وشيّع جثمانه عصر يوم الإثنين الآلآف من أبناء مدينة تريم وضواحيها ومن المناطق المجاورة من وادي حضرموت يتقدمهم العلماء والأعيان والدعاه والشيوخ والشخصيات الإجتماعية والتربوية والأكاديمية والطلاب والمحبين، الذين توافدوا إلى بيته بمنطقة دمّون بتريم لتقديم واجب العزاء ، وانطلق الجمع الغفير بعد الصلاة عليه في مسجد مشهور بدمّون في موكب جنائزي مهيب وتشييع كبير إلى مصلى الجبانة بمدينة تريم ليُصلّى عليه الجمع المبارك صلاة الجنازة.


وقبل الصلاة عليه في مصلى الجبانة بتريم، ألقى الحبيب العلامة علي المشهور بن محمد بن سالم بن حفيظ رحمه الله، كلمة مباركة في الجمع الغفير بمصلى الجبانة تضمنت حياة الفقيد ونشاطه وهمته في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والأخلاق الفاضلة والصبر والتي قضاها متنقلًا في مساجد مدن قرى وأرياف وبداوة وادي حضرموت والساحل والمحافظات المجاورة.


وبعد الصلاة عليه في مصلى الجبانه، سار الموكب الجنائزي بجثمان الفقيد إلى مقبرة زنبل بمسيال التربة بعيديد ليواري فيها جثمانه الثرى عند أهله وأجداده، رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار وأخلفه في أهله وذريته وذويه بالخلف الصالح، إنا لله وإنا إليه راجعون.


*(نبذه تعريفية):*


ولد الحبيب علي بن محمد بن علي بن شهاب الدين في منطقة دمّون بمدينة تريم عام 1341 هجرية، ومات والده قبل بلوغه العامين، فنشأ يتيمًا، وتربى تحت رعاية والدته وأخويه الكبيرين أحمد وعبد الله رحمهم الله، وعند بلوغه السابعة من العمر التحق بمعلامة البلدة (مدرسة الإقبال الأهلية بدمّون)، فتعلم القراءة والكتابة وختم القرآن العظيم على يد معلمه الشيخ عبدالله بن سعيد بن عوض باغوث والمعلم عمر بن أحمد دحيدح بن عمران التميمي، أما مبادئ الفقه والنحو والتجويد فتلقاها عن شيخه السيد علي بن شيخ بن علوي بن شهاب والسيد عبد الله بن حسين بن شهاب. (رحمهم الله جميعًا).


وفي عام 1354 هجرية انتظم طالبًا بمدرسة جمعية الأخوة والمعاونة بتريم، وتخرج منها عام 1358 هجرية، كما انتظم طالبًا في رباط تريم، ومن أبرز شيوخه ومعلميه العلماء الأجلاء وهم السادة الأجلاء: الحبيب محمد بن أحمد بن عمر الشاطري، والحبيب محمد بن سالم بن حفيظ، والحبيب محمد بن عبد الله بن حسين العيدروس، والحبيب زين العابدين بن أحمد الجنيد، والحبيب محمد (عيديد) بن سالم السري، والحبيب محمد بن علي بلفقيه، والشيخ سالم بن سعيد بكير باغيثان، والشيخ توفيق بن فرج أمان، والشيخ محفوظ بن سالم بن عثمان. (رحمهم الله جميعًا).


وفي عام 1359هجرية فتح مدرسة أهلية في منطقته دمّون بمعية زميله المرحوم الحبيب القاضي عمر بن أحمد بن عبدالله المشهور حتى عام 1362 هجرية، حين توحدت مع مدرسة الإقبال الأهلية بدمّون، وبعدها عمل كاتبًا في محكمة دمّون الشرعية لأربع سنوات، لكنه ما لبث أن تركها مسافرًا إلى أفريقيا ومكث بها سنتين، وبعدها عاد راجعًا إلى مسقط رأسه وظل ملازمًا ومترددًا على رباط تريم العلمي للأخذ عن شيوخ الرباط والإستفادة منهم.


وفي عام 1374 هجرية تحركت همته لأداء النسكين فسافر إلى الحرمين الشريفين، وبعد الحج انتقل إلى الرياض مزاولًا بعض الأعمال، لكن رغبته الملحة في طلب العلم دفعته للإلتحاق بالمعهد العلمي بالرياض ونال منه الشهادة الثانوية عام 1381 هجرية، وبعدها نال الشهادة الجامعية عام 1386 هجرية، الموافق عام 1966م.


وبعد تخرجه عُرضت عليه عدة وظائف، لكنه أبى مؤمنًا أن بلاده بحاجة إليه، فعاد راجعًا إلى حضرموت موطن أهله وأجداده ليقوم بخدمتها فالتحق بسلك التدريس بالدولة القعيطية في نفس العام الموافق لعام 1966م، واستمر في تلك المهنة التي عشقها مدرسًا للغة العربية والتربية الإسلامية، فقام بالتدريس في مدارس الشحر وشبام وتاربة وتريم.


وفي الفترة من أواخر عام 1976م إلى منتصف 1980م تولى نيابة عقود الأنكحة بمنطقة دمّون لفترة ما يقارب أربع سنوات، وبعد افتتاح ثانوية تريم عام 1978م كان أحد معلميها الثابتين حتى تقاعد عن التدريس والعمل التربوي عام 1996م.


كانت حياته رحمه الله حافلة بالعطاء العلمي والنشاط الدعوي، ساعيًا للنفع العام متنقلًا في المدن والقرى والأرياف والبداوة، حيث ظل متنقلا بالوعظ والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة في مساجد منطقته دمّون يعقد فيها الدروس والمواعظ اليومية والأسبوعية، كما يتنقل إلى مساجد حارات مدينة تريم وضواحيها والمناطق والأرياف المجاورة لها في وادي حضرموت المبارك، كما كانت له رحلات دعوية إلى ساحل حضرموت ولحج وعدن وبلاد المهرة وغيرها لنشر الدعوة الإسلامية وتعليم الناس فكان مثالًا للوسطية الشرعية والإعتدال الواعي والسلامة الدينية قولاً وفعلاً يكره التشدد والتعصب للهوى فأعجب الناس برقة كلامه وسلاسة أسلوبه، فألتف حوله الكثير وأستأنسوا بدروسه ومواعظه التي أثرت في نفوسهم فأحبّوه فكان محل تقدير الجميع إلى أن أقعدته الشيخوخة ولزم بيته عام 1433 هجرية.


هذا وقد منحه الله همة عظيمة في هذا المجال حتى في آخر عمره مع تقدّم سنه وفقد بصره، فكان كثير التردد والنزول إلى الأرياف والقرى المجاورة لمدينة تريم أسبوعيًا، ويشعر براحة كبيرة في ذلك ويفرح بلقاء الشباب الذين هم عماد المستقبل فيجلس معهم ويحادثهم بروح تتناسب مع عمرهم.


كما كان رحمه الله على درجة كبيرة من البساطة في حياته، ومن أبرز أخلاقه التواضع ونكران الذات وهذه صفة تبرز في معظم علماء حضرموت فهم لا يهتمون بالمظاهر التي قد يهتم بها أقرانهم، فهو لا يرى لأحد حقًا عليه ويكره التكلّف أوالتزلف إلى أحد من أهل النفوذ صادعًا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم.


وبسبب نشاطه الدعوي خضع للإقامة الجبرية بتريم من قبل الحزب الحاكم في فترة السبعينيات من القرن الماضي مع عدد من الدعاه منهم السيد العلامة الحبيب محمد بن سالم بن حفيظ والسيد العلامة الحبيب محمد بن علوي بن عبدالله بن شهاب والشيخ العلامة محفوظ بن سالم بن عثمان وغيرهم رحمهم الله جميعًا، فكان يذهب يوميًا صباحًا ومساءًا إلى قصر الدولة بتريم للتوقيع بالحضور وعدم مغادرة المنطقة لعدة سنوات.


كما قام بالعديد من أعمال الخير والنفع العام منها عمارته لبعض المساجد المندثرة في منطقة دمّون بتريم حيث قام ببناء وترميم وعمارة مسجد الحبيب علي بن شيخ بن شهاب (الكائن ببئر سواده) بمنطقة دمّون وأقام فيه الصلوات والدروس العلمية، إضافة إلى ترميم وعمارة مسجد الإمام مشيّخ بن عبد الله بمحرث دمّون بتريم.


وفي صباح يوم الإثنين 23 محرم 1438 هجرية الموافق 24 أكتوبر 2016 ميلادي، فاضت روحه الطاهرة وانتقل إلى الرفيق الأعلى عن عمر ناهز الـ 97 عامًا، وقد شيعه الجم الغفير من أهل مدينة تريم وضواحيها ومحبيه وتلاميذه وغيرهم، ودفن بمقبرة زنبل عند أهله وأجداده، رحمه الله رحمة الأبرار وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فراديس الجنان.