تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، واحدة من أعنف موجات القتال منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث دارت اشتباكات دموية استمرت لأكثر من 12 ساعة، مخلفة قتلى وجرحى من الجانبين، إلى جانب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.
وأفاد شهود عيان بأن سكان المدينة استيقظوا على وقع قصف مدفعي عنيف استهدف الأحياء الجنوبية والغربية، في ظل محاولات متواصلة من قوات الدعم السريع للسيطرة على مواقع استراتيجية، على رأسها مقر الفرقة السادسة مشاة.
وتعيش الفاشر أوضاعًا إنسانية متدهورة، في ظل حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ مايو 2024، ما أدى إلى شُح حاد في الغذاء والدواء، وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها "الدخن"، الذي يُعد الغذاء الرئيسي للأهالي.
ومع تصاعد وتيرة القصف، بدأ السكان بالنزوح الجماعي، تاركين منازلهم في ظل غياب أي ممرات آمنة، وتحول المدينة إلى ساحة حرب مفتوحة.
بالتوازي مع ذلك، يواصل سلاح الجو السوداني شن غارات مركزة على مواقع قوات الدعم السريع في ولاية شمال كردفان، خاصة في محيط مدينة "بارا" ذات الأهمية الاستراتيجية، حيث تدفع قيادة الجيش بتعزيزات ضخمة بهدف استعادة المدينة التي تمثل شريانًا حيويًا يربط العاصمة بالمناطق الغربية.
من جانبها، أطلقت منظمات إنسانية تحذيرات شديدة اللهجة من كارثة وشيكة في دارفور وكردفان، في ظل تصاعد القتال واتساع رقعته، بينما لا تزال خطة الحكومة لإنزال مساعدات جوية إلى الفاشر معلّقة دون تنفيذ فعلي.
وفي تطور لافت على الصعيدين السياسي والعسكري، أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن خطة لإفراغ العاصمة الخرطوم من كافة الكيانات المسلحة خلال أسبوعين، وهو تصريح أثار ردود فعل غاضبة، خاصة من "القوة المشتركة" الموالية للجيش، والتي تواجه بدورها اتهامات بانتهاكات ونهب في بعض أحياء العاصمة.
وفي الوقت الذي شرعت فيه الشرطة المحلية بحملة لجمع الأسلحة والدراجات النارية، سُجلت عودة خجولة للنازحين إلى العاصمة، حيث بلغ عدد العائدين نحو 105 آلاف فقط من أصل 3.6 مليون فروا من الخرطوم منذ بدء الحرب في أبريل 2023.
وبينما يتسارع تفكك البنية الداخلية، يقف السودان على حافة انفجار شامل، في ظل استمرار نزيف الدم، وتدهور إنساني وأمني غير مسبوق، وسط غياب فعلي لأي حل سياسي أو تدخل دولي فاعل.