آخر تحديث :الأربعاء-23 يوليو 2025-04:38ص
أخبار المحافظات

شجرة القات تلتهم ما تبقى من الحياة

الثلاثاء - 22 يوليو 2025 - 11:53 م بتوقيت عدن
شجرة القات تلتهم ما تبقى من الحياة
عدن الغد- خاص

في مديرية المعافر لم تعد مشكلة المياه مجرد أزمة موسمية بل أصبحت واقعًا مؤلما يتفاقم يوما بعد آخر بفعل الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية نتيجة التوسع العشوائي في زراعة القات وسوء إدارة مصادر المياه لم تسلم الكلايبة ولا المقطرية من هذا النزيف الصامت الذي يهدد حياة الإنسان والمجتمع على حد سواء الآبار التي كانت تروي أهل القرى وتسقي الزرعة أصبحت حكرا على مزارع القات حيث تضخ المياه دون حساب لتروي شجرة لا تكاد تثمر إلا المزيد من المعاناة والتراجع في كل جوانب الحياة.

المؤسف أن معظم مزارع القات في المنطقة تعتمد بشكل كامل على مياه الآبار العميقة ويتم حفرها بطرق عشوائية مخالفة ودون دراسة علمية ما يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه عاما بعد عام في ظل غياب أي رقابة حقيقية من السلطة المحلية أو الجهات المختصة لقد بات أهالي الكلايبة والمقطرية يعانون للحصول على مياه الشرب النقية في الوقت الذي تهدر فيه كميات كبيرة من المياه لري القات وكأن حياة الإنسان لا تساوي شيئا أمام نبتة امتصت من الوطن عمره وموارده وأخلاقه.

في تلك القرى كما في سائر المعافر ترى الناس تبحث عن جالون ماء بينما المضخات تئنّ ليلا ونهارا في مزارع القات لا تهدأ ولا ترحم حتى خزانات المدارس والمراكز الصحية باتت عاجزة عن توفير ما يكفي للاستخدام اليومي فيما تهدر المياه في حقول لا تنبت إلا الهم والفراغ المخيف في الأمر أن هذا الواقع مستمر دون أدنى تحرك جاد يوقف التدهور وكأن الناس تعيش في سبات وكأن الأجيال القادمة لا تعني أحدا.

القات في المعافر لم يعد مجرد عادة بل تحول إلى وحش يلتهم الأرض والماء والعقل والمفارقة أن من يزرعه يشكو من ضيق العيش بينما هو يساهم يوميا في تجفيف منابع الحياة وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فسنشهد قريبا مزيدا من المآسي بحثا عن الماء قبل العمل وسنشهد مزيدا من الآبار الجافة والتربة المتشققة والمجتمعات العطشى.

إن السكوت عن هذا العبث جريمة وإن مستقبل الكلايبة والمقطرية وسائر مناطق المعافر بات مهددا ما لم تتكاتف الجهود لوقف هذا الاستنزاف وتوضع خطة واضحة تنقذ ما تبقى من ماء في جوف الأرض قبل أن نجد أنفسنا نروي القات بالدموع لا بالماء.

فمن هنا من الكلايبة والمقطرية من قلب المعافر،نوجه نداءنا إلى كل من تبقى في قلبه إحساس بالمسؤولية إلى المزارعين أولاً إن الماء الذي تستهلكه شجرة القات اليوم هو الماء الذي سيبحث عنه أبناؤكم غدا فلا يجدونه فعودوا إلى زراعة ما ينفع الناس وما لا ينهش أرضكم وأعماركم. وإلى السلطة المحلية إن صمتكم أصبح جزءً من المشكلة وأنتم مطالبون بوقفة جادة لوقف العبث العشوائي بحفر الآبار وتنظيم الزراعة والري قبل أن تتحول المعافر إلى منطقة منكوبة مائيًا. وإلى كل الغيورين على هذه الأرض الطيبة لنجعل من صوتنا سيلًا أقوى من مضخات الماء العابثة لعلنا نستعيد حقنا في الحياة قبل أن يفقد منا إلى الأبد.