آخر تحديث :الجمعة-01 أغسطس 2025-03:10ص
إقتصاد وتكنلوجيا

تمويل سعودي: هل تنجح المليارات في إطالة العمر وتجديد الصحة؟

الخميس - 31 يوليو 2025 - 11:48 ص بتوقيت عدن
تمويل سعودي: هل تنجح المليارات في إطالة العمر وتجديد الصحة؟
(عدن الغد): متابعات خاصة


يلوح التمويل السعودي لأبحاث إطالة العمر الصحي اليوم، كطوق نجاة لميدان عانى طويلًا من شُحّ الاستثمارات في التكنولوجيا الحيوية. فقد أدّت صعوبة الحصول على الموافقات الدوائية وارتفاع معدّلات الفشل خلال مراحل التطوير، إلى عزوف شركات الأدوية الكبرى والجهات الأكاديمية المانحة. فهل تنجح المليارات السعودية في قلب هذه المعادلة، وفتح بابٍ جديد أمام علاجات الشيخوخة؟


على مدى نحو عقد كامل، سعى يوهان أورِكس، عالم الأحياء الجزيئية، جاهدًا لإقناع الجهات المستثمرة في قطاع التكنولوجيا الحيوية بنظريته. ومفاد هذه النظرية، إمكان تشكيل مركّب “يوروليثين إيه” (Urolithin A) أحد المفاتيح الجوهرية نحو شيخوخة صحية، وخالية من تدهور الخلايا البشريّة المبكّر. والجدير بالذكر، أنّ هذا المركَّب هو مادّة طبيعية تُفرزها بكتيريا الأمعاء عند هضم أطعمة، كالرمان والجوز.


ففي عام 2016، نشرت مجلة “الطبيعة” (Nature) دراسة بإشراف يوهان أورِكس، أستاذ استقلاب الطاقة في المعهد التقني الفدرالي في لوزان، كشفت تنشيط مركَّب “يوروليثين إيه” عملية البلعمة الميتوكوندرية، وهي آلية تبتلع فيها الخلية ما بداخلها من ميتوكوندريا تالفة أو هرِمة. وتُسهم هذه العملية في الحفاظ على وظيفة العضلات وسلامتها مع التقدّم في السن. وبذلك، تسهم في إطالة العمر الصحي. وقد استندت هذه النظرية إلى تجارب أوّلية على فئران تلقت جرعات يومية من المركّب، ضمن برنامج تجريبي استمرّ ستّة أسابيع. وأظهرت النتائج تحسّنًا ملحوظًا في سرعتها وقدرتها على الجري لمسافات أطول، مقارنةً بفئران أخرى لم تتلقَّ العلاج. أمَّا الديدان الخاضعة للتجربة ذاتها، فقد زاد متوسّط عمرها بنسبة 45%.


وبعد جهد، نجح أورِكس في الحصول على بعض المنح، وجولات تمويل محدودة من مؤسّسات وأفراد، مكّنته من إجراء تجارب بشرية أوّلية. ولكن، ظلَّت العقبة الكبرى ماثلة أمامه، وهي تأمين التمويل اللازم، بملايين الدولارات، لإجراء تجارب سريرية واسعة النطاق. فدون هذه التجارب، لا يمكن ترسيخ مصداقية المركّب علميًا، أو التمهيد لاعتماده ضمن العلاجات الطبية المعترف بها.


وقد صرَّح أورِكس لموقع سويس إنفو (Swissinfo.ch)، فقال: “تكمن المعضلة في أبحاث الشيخوخة في غياب التجارب السريرية دقيقة المنهج. فتنأى معظم جهات التمويل عن المجازفة بأموالها في منتجات طبيعية. ولذلك، اجتاحت موجة من الدراسات غير الرصينة المجال فشوَّهته، وزادت من صعوبة استقطاب التمويل اللازم لاستكمال الأبحاث”.


السعودية تدخل الساحة…

ولكن، تلقّت آفاق أورِكس وغيره في مجال إطالة العمر الصحي، دفعًا قويًا بدخول مموّل جديد غير متوقّع: المملكة العربية السعودية. وفي خطوة بارزة، أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في عام 2018، عن مؤسّسة تُعدّ الأولى في مجالها. وتسعى هذه المؤسّسة لتطوير علاجات تهدف إلى تحسين العمر الصحي، وتأخير ظهور الأمراض المرتبطة بالشيخوخة. وبعد ثلاث سنوات، أبصرت “مؤسّسة هيفولوشنرابط خارجي” (Hevolution) النور، بميزانية سنوية تصل إلى مليار دولار (800 مليون فرنك سويسري). وأصبحت “هيفولوشن” ثاني أكبر جهة مموّلة لأبحاث علم الشيخوخة البيولوجي على مستوى العالم.


وبحلول مطلع عام 2025، كانت المؤسسة، المتّخذة من الرياض مقرًا لها، قد ضخّت أكثر من 400 مليون دولار. وجاء هذا التمويل عبر منح، وشراكات، واستثمارات. وقد استفاد منه أكثر من 250 باحثًا وباحثة من مختلف أنحاء العالم. ويضمّ مجلسا المؤسّسة التنفيذي والعلمي نخبة من كبار علماء الشيخوخة وعالماتها، إلى جانب روّاد ورائدات في مجال التكنولوجيا الحيوية.


… وجهات سويسرية تستفيد

وكان لجهات البحث السويسرية حصّة لافتة من هذا الزخم. فقد كانت شركة “فاندريا” الناشئة، ومقرّها مدينة لوزان، من أوائل الشركات المستفيدة من تمويل “هيفولوشن”. وتعمل الشركة على تطوير علاجات لأمراض الشيخوخة، استنادًا إلى اكتشافات أورِكس حول البلعمة الميتوكوندرية. وحصلت على تمويل مشترك من”هيفولوشن”، و”دولبي فاميلي فنتشرز”، و”إن دي كابيتال”. وجاء هذا التمويل ضمن جولة من الفئة “أ” بلغت 30،7 مليون دولار.


وأيضًا، تلقّت شركة أخرى يعمل أورِكس ضمن فريقها، وهي “تايم لاين”، دعمًا مشابهًا. وتسوّق هذه الشركة مركّب “يوروليثين إيه” كمكمّل غذائي. وقد تأهّلت إلى الدور نصف النهائي في مسابقة “إكس برايز”، وهي مسابقة عالمية، مدّتها سبع سنوات. وتهدف هذه المسابقة إلى تطوير علاجات تعيد الوظائف العضلية، والمعرفية، والمناعية لدى البالغين.ات من عمر 50 إلى 80 عامًا. وتطمح إلى إضافة ما يعادل عشر سنوات من الأداء الحيوي السليم. وتضخّ ‘هيفولوشن’ 40 مليون دولار في ميزانية المسابقة، لتكون بذلك أكبر جهة داعمة ضمن جائزة إجمالية قدرها 101 مليون دولار.


ويطرح ويليام غرين، الطبيب الأمريكي ورائد الأعمال شاغل منصب المدير الاستثماري في “هيفولوشن”، مقاربة لافتة؛ إذ يرى أنّ “الشيخوخة هي أزمة التغير المناخي لبيولوجيا الإنسان. فنحن نعيش عمرًا أطول، لكنّنا لا نعيش بصحة أفضل. بل إنّ عدد السنوات المقضّاة في مواجهة أمراض مزمنة ومنهكة، آخذ في التزايد. ويحدث ذلك رغم كلّ التقدّم المحرز من الرعاية الصحية”.


وعلاوة على ذلك، يرى غرين أنّ غياب التمويل المؤسّسي الضخم لتسويق الابتكارات في علم الشيخوخة، تحدّيًا مقترنًا بالفرص. ويضيف: “يُمكن لأي شخص يسعى لإحداث أثر حقيقي في هذا العالم، أن يجد في هذا المجال نقطة انطلاق لتحقيق ذلك”.


من النفط إلى التكنولوجيا الحيوية

ولا يأتي التمويل السعودي لإبحاث إطالة العمر كظاهرة معزولة. بل هو جزء من جهود أوسع تهدف إلى تنويع مصادر دخل المملكة، وتقليل اعتمادها التاريخي على عائدات الوقود الأحفوري.


ففي عام 2016، أطلقت المملكة، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، رؤيتها الطموحة “السعودية 2030”. وترسم هذه الرؤية ملامح تحوّل اقتصادي شامل، يهدف إلى ترسيخ مكانة البلاد كقوّة عالمية في مجالات عدّة؛ من بينها الرعاية الصحية، والطاقة المتجدّدة، والتكنولوجيا، وحتّى الرياضة.


وفي إطار هذه الرؤيةرابط خارجي، تسعى السعودية إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا رائدًا للتكنولوجيا الحيوية بحلول عام 2030رابط خارجي. وتأتي هذه الرؤية الطموحة، رغم غياب سجلّ صناعي سابق للمملكة في قطاع الأدوية، وتطمح علاوة على ذلك، إلى المنافسة عالميًا في هذا المضمار، بحلول عام 2040. وإذا كانت المنافسة في مجالات مثل أبحاث السرطان شديدة بفعل الريادة الأمريكية والأوروبية، فإنّ حقل إطالة العمر، بما يعانيه من نقص مزمن في التمويل، يتيح هامشًا أوسع للاختراق والابتكار.


فجوة في التمويل

ولتوضيح مدى اختلال التوازن التمويلي، يكفي ذكر حالة المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة، أكبر مموّل حكومي لأبحاث الشيخوخة في العالم. فقد تضاعفت ميزانيته نحو ثلاث مراترابط خارجي، من 1،6 مليار دولار عام 2016رابط خارجي إلى 4،4 مليار دولار في عام 2024. ومع ذلك، ذهب الجزء الأكبر من هذا التمويل (نحو 2،6 مليار دولار) إلى أبحاث الزهايمر، ومجالات أخرى في علوم الأعصاب. ولم تحصد أبحاث بيولوجيا الشيخوخة الأساسية، سوى 400 مليون دولار فقط. وتبدو هذه المخصّصات المتواضعة ضئيلة بالمقارنة مع الميزانية الإجمالية للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة (NIH)، البالغة 47 مليار دولار سنويًا.


أما في سويسرا، ورغم حصول بعض مشاريع أبحاث الشيخوخة على دعم حكومي، فلا يزال هذا الحقل يفتقر إلى مركز وطني للكفاءة البحثية. وفي حال توفّر مركز وطني كهذا، فسيكون أداة تمويل محورية تهدف إلى تعزيز البحث الاستراتيجي في مجالات ذات أولوية وطنية. أمَّا في الوضع الراهن، فتظلُّ الجهود العلمية في هذا المجال دون مظلّة مؤسسية مستقلّة.


ومع ذلك، بدأت بعض مصادر التمويل الخاصة في التدفّق نحو أبحاث الشيخوخة. فوفقًا للتقرير السنوي الأخير الصادر عن منصة “لونجيفتي تكنولوجي” (Longevity Technology)، وهي منصّة رقمية ترصد الاستثمارات في هذا القطاع، باتت الشركات الناشئة العاملة على تمديد فترة الحياة الصحية أو تطوير علاجات مستندة إلى بيولوجيا الشيخوخة، تنجح في استقطاب الاستثمارات. فقد جمعت تمويلاترابط خارجي بلغت 8،49 مليار دولار في عام 2024، ويفوق هذا الرقم ضعف المجموع في عام 2023 (3،82 مليار دولار عبر 331 صفقة). ولكن، يبقى المبلغ ضئيلًا مقارنة بمجمل الاستثمارات الموجهة إلى قطاعات التكنولوجيا الحيوية، البالغة نحو 90 مليار دولار في العام ذاته، بحسب تقديرات التقرير.


معضلة إطالة العمر

ومن منظور علمي، تكمن أبرز أسباب ضعف التمويل في مجال أبحاث إطالة العمر، في التعقيد البيولوجي لعملية الشيخوخة ذاتها، ما يرجِّحه ميكا كابرال، المستشار الأوّل في شركة “ألسيميد” (Alcimed) للاستشارات الإدارية المتخصّصة في القطاعات الابتكارية. فقد أخفقت شركات كثيرة في تطوير علاجات فعّالة، أو تحقيق اختراق علمي وتنظيمي ملموس.


وفي المقابل، وعلى الجانب الاستثماري، يشير مارك بيرنيغر، رجل الأعمال السويسري والمؤسّس الشريك لشركة “ماكسيمون” (Maximon)، المعنية بالاستثمار في منتجات إطالة العمر، إلى معضلة أخرى: “كلّما زاد الطموح والمغامرة، زادت صعوبة إقناع المستثمرين.ات بالانخراط، بل تتجنّب بعض الشركات العاملة في المجال استخدام مصطلح ‘إطالة العمر’، خشية ألّا تتمكّن من جذب استثمارات جادّة من صناديق رأس المال المغامر”.


وأمَّا على الصعيد التنظيمي، فلا يقلّ العائق أهميةً. ففي الولايات المتحدة، أكبر سوق للأدوية في العالم، لا تصنّف الجهات الصحية الشيخوخة كمرض بحدّ ذاته. ونتيجة لذلك، لم تضع السلطات آلية قانونية لاعتماد العلاجات المضادّة للشيخوخة. كما لا تتحمّل شركات التأمين أو أنظمة الرعاية الصحية الحكومية كلفة هذه العلاجات. ويحدّ هذا الواقع من الجدوى التجارية لتلك الأدوية، ويجعل العائد الاستثماري فيه غير مضمون.


ويرى سيرغي جاكيموف، الشريك المؤسّس لصندوق “لونغ في سي” (LongeVC) المختصّ في استثمارات إطالة العمر، “الإطار التنظيميَّ واضحًا تمامًا”. ويقول: “لإثبات فعالية أيّ علاج، ينبغي وجود حالة مرضية محدّدة، وتصميم سريري صارم للتجربة. لقد راهن الكثير على أفكار برّاقة مثل “علاج الشيخوخة”، وهي فكرة لافتة بلا شك، لكنّها لا تتماشى مع منطق رأس المال المغامر”.


وفي ظلِّ هذه المعوقات، أعادت العديد من جهات البحث النظر في أولويّاتها. وبات التركيز منصبًّا على تطوير مركّبات دوائية تستهدف أمراضًا محدّدة مرتبطة بتقدّم العمر، مثل الزهايمر، وهشاشة العظام، والضمور العضلي. فتُعدّ معالجة الشيخوخة ككلّ مسألة يصعب إثباتها علميًا، أو ترخيصها طبيًا. أمّا الأمراض الممكن توصيفها طبيًا، فهي أكثر جاذبية من حيث فرص النجاح العلمي والعائد الاقتصادي.


التمويل السعودي يلقى ترحيبًا…

شكّل التمويل السعودي لأبحاث إطالة العمر دفعة تمويلية بالغة الأثر لهذا المجال الذي طالما عانى من قلّة الدعم، والاستثمار. ويقول سيرغي جاكيموف: “ما قامت به مؤسّسة “هيفولوشن” غير مسبوق بكل المقاييس. فلم نشهد من قبل أيّ مبادرة تلتزم باستثمار يفوق مليار دولار في ميدان الشيخوخة”.


وبالإضافة إلى ذلك، تميّزت المؤسسة في منهجها كذلك. فعلى عكس المعتاد، لم تخصّص منحها لأبحاث تتناول أمراضًا بعينها، بل ركّزت على بيولوجيا الشيخوخة الأساسية، وعلى استكشاف حلول عملية من شأنها تأخير ظهور أمراض متعدّدة أو الوقاية منها في آن واحد.


وعلى صعيد الاستثمار، تتبنّى “هيفولوشن” استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى تعزيز جاذبية الشركات الناشئة في مراحلها الأولى أمام شركات الأدوية الكبرى، والجهات المستثمرة. وتقوم بذلك من خلال تحمّل قدر أكبر من المخاطر، والالتزام بأفق استثماري أطول. ويختلف هذا النهج عن المعتاد لدى الصناديق الخاصّة ورؤوس الأموال المغامِرة، الساعية غالبًا وراء أرباح سريعة ودورات تمويل قصيرة الأجل.


وفي هذا السياق، يقول ويليام غرين: “نحن على استعداد لتحمّل مخاطر تقنية محسوبة. ما نطمح إليه هو التوغّل في البيولوجيا والطب التجريبي، ويندرج هذا ضمن مراحل من الاستثمار مبكّرة نسبيّا، أي في نقاط الانطلاق السابقة للنضج التجاري الكامل، التي لا يشعر المستثمر التقليدي عادة بالارتياح تجاهها”.


وإلى جانب ذلك، يضيف غرين: “التكنولوجيا الحيوية ليست حكرًا على جنوب سان فرانسيسكو أو كامبريدج. إنّها تزدهر في أماكن أخرى، ولا سبب يمنع ازدهارها في أيّ بلد تتوفّر فيه الموهبة، والطموح، والأساس العلمي الجيد بما في ذلك المملكة العربية السعودية”.


إلى جانب ذلك، يضيف غرين: “التكنولوجيا الحيوية ليست حكرًا على جنوب سان فرانسيسكو أو كامبريدج. إنها تزدهر في أماكن أخرى، ولا سبب يمنع ازدهارها في أي بلد تتوفّر فيه الموهبة والطموح والأساس العلمي الجيد – بما في ذلك المملكة العربية السعودية”.


… وتحفّظات وانتقادات

بينما لاقى التمويل السعودي لأبحاث إطالة العمر ترحيبًا واسعًا، لم يسلم من الانتقادات أيضًا. إذ أعربت منظّمات حقوقية، مثل “هيومن رايتس ووتش”، عن قلقهارابط خارجي إزاء انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، وتضييقات على حرية الصحافة، وقيود على حرية التعبير في المملكة، ما أثار تساؤلات حول أخلاقيات تلقي الدعم من جهة تواجه مثل هذه الانتقادات.


وفي هذا السياق، أقرّ الكثير من المتحدّثين.ات إلى موقع سويس إنفو بوجود هذه التحفظات، وأكدوا.ن وضعها في الحسبان قبل الدخول في أيّ شراكة مع “هيفولوشن”.


وفي معرض التوضيح، يقول كلاوس دوغي، الرئيس التنفيذي لشركة “فاندريا”: “ناقشنا مسألة مصادر التمويل بشكل عام. لكن، وحتّى مع معظم صناديق رأس المال المغامر، لا تتوفّر دائمًا معلومات شفّافة حول هوية الجهات المستثمرة الأساسية، ومصادر أموالها. وما يعنينا في نهاية المطاف، هو استخدام هذا التمويل لتلبية حاجات طبية غير ملبّاة، ولتحسين جودة حياة المرضى من الرجال والنساء”.


ومع ذلك، وبعد بدايتها الإعلامية اللافتة، انحسر نشاط “هيفولوشن” العلني خلال الأشهر الأخيرة. إذ تعود آخر دعوة لتقديم طلبات المنح، المنشورة على موقع المؤسسة إلى أكتوبر 2024، دون أيّ تحديثات تالية تذكر.


فتور الزخم

وقبيل نشر هذا المقال، أفادت مصادر مطّلعة لموقع سويس إنفو، بمرور المؤسّسة بتحوّلات إدارية داخلية قد تؤثّر على وتيرة صرف المنح والتزاماتها. وفي ردّ مكتوب، أوضح متحدّث باسم المؤسّسة أن “هيفولوشن تعمل حاليًا، على مراجعة ميزانياتها الداخلية”، مشيرًا إلى أنّ “توقيت هذه العملية قد يسبّب تحديات أمام كلّ من يعتمد على دعمنا. ونحن نبذل قصارى جهدنا لإنجاز هذه المرحلة بأقصى سرعة ممكنة”.


وعلاوة على ذلك، شدّد المتحدّث على تمسّك المؤسّسة بعد بـ”رؤيتها القائمة على العمل على إطالة أمد الحياة الصحية”، ومُضيّها في التزامها بدعم المشاريع والمنح، التي “تشجّع البحث المستقلّ وتغذّي روح الابتكار وريادة الأعمال”.


وأوضح أيضًا، أنّ ما يحدث هو جزء من “آليات الحوكمة السنوية والإجراءات الإدارية الداخلية”. لكن رجّحت بعض المصادر أن يكون تأخّر الموافقات وصرف التمويل ناتجًا، جزئيًا على الأقل، عن اضطرابات التمويل في مجال الأبحاث الطبية الحيوية في الولايات المتّحدة، بعد تخفيض الرئيس دونالد ترامب ميزانية المعاهد الوطنية للصحة، ما أثّر في آلاف المنح، من بينها عدد كبير متعلّق بأبحاث الشيخوخة.


وجدير بالذكر تمويل “هيفولوشن” مؤسسات أمريكية عدّة، تتلقى بدورها تمويلًا من المعاهد الوطنية للصحة، من بينها “معهد باك لأبحاث الشيخوخة”، و”كلية ألبرت أينشتاين للطب”.


وفي حالة انسحاب المؤسّسة بعد هذا الزخم الكبير من الوعود والتمويل، قد تكون لذلك انعكاسات قاسية تحبط طموحات الباحثين.ات، وتهدّد استمرارية الزخم العلمي في هذا الحقل.


وتعقيبًا، يقول أورِكس: “تبدأ كثير من المبادرات في مجال الشيخوخة بزخم قوي، ثم ما تلبث أن تنطفئ. آمل ألّا يكون هذا هو مصير هذه المبادرة”.