آخر تحديث :السبت-02 أغسطس 2025-09:00م
أخبار وتقارير

الحوثيون والمرأة اليمنية.. سجل أسود من الانتهاكات المستمرة

السبت - 02 أغسطس 2025 - 06:43 م بتوقيت عدن
الحوثيون والمرأة اليمنية.. سجل أسود من الانتهاكات المستمرة
((عدن الغد))خاص

لم تعد قضايا الانتهاكات التي تتعرض لها النساء اليمنيات في مناطق سيطرة جماعة الحوثي مجرد حوادث فردية يمكن تجاوزها أو التعامل معها كاستثناءات، بل أصبحت جزءًا من سياسة ممنهجة تتبعها الجماعة لترهيب المجتمع وإخضاعه، مستخدمة النساء كأدوات ضغط في صراعها مع الخصوم السياسيين والمجتمعيين.


فمنذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، سجلت تقارير حقوقية محلية ودولية عشرات الوقائع التي تكشف عن نمط مقلق من الانتهاكات ضد النساء، شملت الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والابتزاز، إضافة إلى الإهانة العلنية والتشهير، وحتى القتل في بعض الحالات.


أبرز القضايا التي أثارت غضب الشارع اليمني كانت حادثة اختطاف الناشطة الحقوقية “أسماء العميسي”، التي اختُطفت وحُكم عليها بالإعدام بتهم ملفقة قبل أن يتم تخفيف الحكم لاحقًا وسط ضغوط حقوقية، وكذلك الناشطة “انتصار الحمادي”، التي تم اعتقالها والتشهير بها، ومُنعت من حق الدفاع والزيارات، وتعرضت لابتزاز ممنهج داخل السجن.


ومؤخراً، فجّرت قضية “بنت أرحب” موجة سخط عارمة في الشارع اليمني، بعد انتشار مقطع مرئي يوثق قيام مسلحي الجماعة بالاعتداء على فتاة بطريقة مهينة أمام أهلها، في حادثة كشفت بجلاء الجرأة التي باتت تمارس بها الجماعة سياساتها القمعية ضد النساء، حتى في أبسط الحقوق الإنسانية.


وبحسب تقارير صادرة عن منظمات كـ”رايتس رادار” و”سام للحقوق والحريات” و”هيومن رايتس ووتش”، فإن جماعة الحوثي أنشأت جهازاً أمنياً خاصاً يُعرف بـ”الزينبيات”، يتكوّن من عناصر نسائية يتولّين مهام اقتحام المنازل، واعتقال النساء، والتجسس، وممارسة صنوف من الإذلال والتعذيب في مراكز الاحتجاز.


ولا تقتصر الانتهاكات على الناشطات السياسيات أو الإعلاميات فحسب، بل طالت نساء عاديات من مختلف الشرائح، حيث تم الزجّ بهن في سجون سرية، وتعرضن لمضايقات واتهامات أخلاقية بغرض تحطيم سمعتهن وابتزاز أهاليهن. وقد وثّقت جهات حقوقية حالات عديدة تم فيها تلفيق تهم الدعارة والخيانة للنساء بهدف إسكاتهن أو الضغط على ذويهن المنخرطين في أنشطة معارضة.


وتحذر منظمات حقوقية من أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم شجع جماعة الحوثي على التمادي في سياساتها، لا سيما مع غياب منظومة قضائية مستقلة تحمي النساء في مناطق سيطرة الجماعة، وتحول القضاء إلى أداة انتقام بيد قيادات أمنية تابعة لها.


وفي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بتحقيق دولي شفاف في هذه الانتهاكات، ما يزال آلاف اليمنيين، وفي مقدمتهم النساء، يدفعون ثمن هذه الممارسات القمعية من أمنهم وكرامتهم، وسط غياب تام لأي مسار عدالة حقيقي يمكنه وقف هذا النزيف الإنساني.


إن استمرار الصمت حيال هذا الملف يعني منح الحوثيين ضوءًا أخضرًا لمواصلة سياسات الإذلال والقمع، وهو ما يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي، وتضامنًا شعبيًا حقيقيًا لفضح هذه الجرائم، ومناصرة ضحاياها، وإعادة الاعتبار للمرأة اليمنية كركيزة أساسية لبناء مجتمع عادل يحترم الكرامة الإنسانية.