استفادت العائلات السودانية في الخرطوم من فترة هدوء نسبي في العاصمة، بعد سيطرة الجيش على المدينة في يونيو الماضي، لإخراج رفات ضحايا الحرب من المقابر العشوائية وإعادة دفنهم في مقابر رسمية تليق بكرامتهم.
ويشارك متطوعو الهلال الأحمر السوداني، إلى جانب خبراء الطب الشرعي، في نبش المقابر العشوائية في حي الأزهري جنوب الخرطوم، حيث دفن آلاف الضحايا في ساحات المنازل والمدارس والطرق، نتيجة القصف والمعارك التي حالت دون دفنهم بشكل لائق خلال الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات "الدعم السريع".
وفي عملية دقيقة ومحترمة، يجري استخراج الرفات ووضعها في أكياس تحمل بطاقات تعريف، ثم نقلها إلى مقبرة الأندلس على بعد نحو 10 كيلومترات، بينما تُميز الجثث التي لم يُتعرف عليها بأرقام خاصة للاحتفاظ ببياناتها.
ويؤكد رئيس قطاع الطب الشرعي في الخرطوم، هشام زين العابدين، اكتشاف أكثر من 300 قبر عشوائي في حي الأزهري وحده، كانت تتوزع أمام المنازل وفي أماكن عامة، مما يعكس حجم المعاناة التي عاشها السكان أثناء اندلاع الحرب.
وتشير التقديرات إلى أن عدد الرفات في المقابر العشوائية بالعاصمة قد يتجاوز 10 آلاف، في حين يُعتقد أن أعداد القتلى منذ اندلاع الحرب تزيد على مئات الآلاف، وسط صعوبة حصر دقيق للضحايا بسبب الظروف الأمنية وغياب البنية التحتية الصحية.
ويأمل السكان، الذين شهدوا هذه المراسم المؤلمة، في أن تساهم هذه الخطوة في استعادة بعض الكرامة لأحبائهم، وتخفيف آلام الفقد، فيما يواصل آلاف السودانيين معاناتهم في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وانتشار النزوح والدمار في العاصمة.
ومع استمرار النزاع، يظل مصير آلاف المفقودين مجهولاً، وسط تحذيرات من استمرار الأزمات التي تهدد حياة المدنيين في السودان.