منذ انقلابها على الدولة عام 2014، وضعت جماعة “الحوثي” يدها على قطاع الاتصالات في اليمن، ليتحول بذلك إلى واحد من أهم مصادر التمويل المباشر لحرب الجماعة ضد اليمنيين.
ومع غياب الدولة، تستمر الجماعة “الحوثية” حتى اليوم بعملية نهب مليارات الريالات سنوياً من جيوب الشعب اليمني من قطاع الاتصالات، في حين تٌوجه هذه الأموال لشراء الأسلحة، وتمويل الحملات العسكرية، وتوسيع منظومات الرقابة الأمنية على المواطنين.
دعم إيراني وتقنيات حديثة من روسيا والصين
وشرعت جماعة “الحوثي” في السنوات الأخيرة، في بناء شبكة اتصالات داخلية مغلقة، تعتمد على تجهيزات متطورة مصدرها روسيا والصين، بهدف تأمين قنوات اتصال بعيدة عن أي اختراق خارجي، وفق تقارير سابقة.
هذه الخطوة جاءت بعد قلق متزايد لدى جماعة “الحوثي” من إمكانية تعرضها لهجمات سيبرانية شبيهة لما تعرض له حزب الله في لبنان.
وتشير التقارير إلى أن تهريب المعدات المتقدمة عبر مطار صنعاء وموانئ الحديدة، شملت أنظمة تشفير، وأجهزة استخراج بيانات، وأجهزة مراقبة رقمية، جرى تركيبها بإشراف مباشر من قيادات في جماعة “الحوثي”، ضمن خطة أمنية سرية يديرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي شخصياً.
فرض رقابة شاملة على اليمنيين
ولم تكتفِ الجماعة “الحوثية” بالسيطرة على البنية التحتية للاتصالات، بل حولتها إلى أداة قمع جماعي، من خلال نصب كاميرات المراقبة في الشوارع والأسواق وحتى على مآذن المساجد.
حيث جرى إلزام أصحاب المحال التجارية والمؤسسات بتركيب كاميرات مرتبطة بأنظمة تخزين محلية تديرها الجماعة.
هذه الإجراءات أصبحت تٌستخدم لتعقب النشطاء ورصد أي تحركات معارضة، ما يجعل قطاع الاتصالات أداة تجسس بامتياز بيد “الحوثيين”.
أداة حرب واقتصاد
ووفق مراقبين، فإن السيطرة على الاتصالات تمنح جماعة “الحوثي” ميزتين حاسمتين، تمويل ضخم متجدد، ومنصة أمنية تتيح لهم إحكام السيطرة على المجتمع.
أما إيران، فترى هي الأخرى في هذا القطاع خط الدفاع الأول لذراعها في اليمن، كما تستثمر في تطويره عبر تزويده بالخبراء والتكنولوجيا، ليظل عصياً على الاختراق.
من جانبه، يقول الصحفي عمار علي أحمد إن إيرادات شركات الاتصالات في المناطق المحررة تمثل نزيفاً يومياً للعملة الصعبة نحو مناطق سيطرة “الحوثيين”، إذ تصل التحويلات إلى قرابة مليون ريال سعودي يومياً على أقل تقدير.
وأضاف الصحفي اليمني أن الحكومة الشرعية فشلت في ملف الاتصالات، في حين تستطيع منع دخول بعض المنتجات القادمة من مناطق جماعة “الحوثي”، مؤكداً أنها “ما تزال عاجزة عن تحرير قطاع الاتصالات الذي يدر مئات الملايين من الدولارات سنوياً لصالح المليشيا”.
متى يٌغلق البنك المفتوح؟
ومع استمرار نهب عائدات الاتصالات وتوجيهها لتمويل الحرب “الحوثية”، تتعمق الهوة بين الحكومة الشرعية والمجتمع، ويزداد الغضب الشعبي على الأوضاع المعيشية المتدهورة.
وحتى اليوم يبقى السؤال فارضاً نفسه وبقوة، إلى متى سيبقى هذا القطاع رهينة في يد جماعة مسلحة، وبنكاً مفتوحاً لمشروع خارجي، قبل أن تقرر الحكومة اليمنية من استعادته باي طريقة كانت، أو على الأقل إيجاد حلول بديلة؟