منذ سيطرة جماعة “الحوثي” على صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، تغيّر شكل الجيش في مناطق سيطرتها، ولم يعد مؤسسة وطنية، بل أصبح هيكلاً مغلقاً تديره عائلات هاشمية محدودة، ترتبط بقيادة الجماعة ومشروعها الطائفي المدعوم من إيران.
وكشفت وثائق لمنصة “ديفانس لاين” المعنية بالشأن العسكري والأمني أن الجماعة “الحوثية” عيّنت خلال خمس سنوات فقط أكثر من 4 آلاف ضابط من أبناء الأسر الهاشمية.
وقد شملت التعيينات “الحوثية” وحدات الصواريخ، الحرس الجمهوري، القوات الخاصة، والأجهزة الأمنية.
الولاء للسلالة “الحوثية” معيار الاختيار
وفي السياق، فإن الأرقام تعكس حجم الاحتكار، حيث حصل بيت المؤيد وحده 161 منصباً، فيما بيت الحمزي 114، وبيت العيّاني 104، وبيت الشريف 96، وبيت الكبسي 90.
كما تكررت أسماء أخرى مثل بيت الشامي، المتوكل، الحمران، المداني، المؤيد، والوشلي في أكثر من موقع قيادي لـ”الحوثيين”.
وفي القاموس “الحوثي” يعتبر الولاء للسلالة والانتماء الجغرافي لمناطق صعدة وشمال الشمال هو ما يحدد الوصول إلى المناصب.
الترقيات لم تستثنٍ حتى أولئك الذين تورطوا في جرائم قتل أو أعمال تخريبية، بل تم منحهم مواقع متقدمة في هيكل الجماعة “الحوثية”.
دور إيران في بناء جيش السلالة “الحوثية”
بنية جماعة “الحوثي” كانت ولا تزال تعتمد بشكل رئيسي على إيران، حليفتها الأم، ولذلك فإن حضورها واضح في تشكيلها العسكري، لا سيما وجود مستشارين من “الحرس الثوري” والذين ساعدوا في بناء وحدات عقائدية شبيهة بتجربة طهران العسكرية.
وتهدف هذه الخطوة لضمان ولاء الجيش للجماعة “الحوثية”، وتثبيت سلطتها التي تقوم على الانتماء العائلي والمذهبي لا الانتماء لليمن.
وبهذه الاستراتيجية بات “الحوثي” اليوم يتحكم في مفاصل القوة العسكرية، من القيادة العليا إلى أصغر الوحدات الميدانية، في حين يمنع أي نفوذ قبلي أو وطني خارج دائرته.
حالات تمرد ومقاومة تعري “الحوثيين”
ولطالما شهدت مناطق سيطرة “الحوثيين” حالات تمرد داخلي، لكنها سرعان ما تٌقمع من قبل “اللوبي السلالي”، حيث مثّلت انتفاضة الرئيس السابق علي صالح أوضح دليل على عدم قبول الجماعة بأي تحالف معها من خارج السلالة الهاشمية.
ورغم أن هذا الاحتكار “السلالي” يعمّق الانقسام في المجتمع اليمني، ويجعل أي محاولة لإعادة بناء الجيش مستقبلاً أكثر تعقيداً، إلا أنه يكشف وبوضوح مشروع جماعة “الحوثي”، ويعريها أمام حلفائها من اليمنيين قبل خصومهاً.
ووفق مراقبون، فقد تحولت المؤسسة العسكرية إلى ذراع عائلية مذهبية، محمية بدعم من إيران، ولن تكون في يوم من الأيام جزءاً من مشروع يمني جامع، فمتى يصحو أولئك الذين يرون في “الحوثي” ممثلاً حقيقيا لجميع اليمنيين؟