يروى أن أباً جمع أبناءه قبيل وفاته، وأعطى كلاً منهم عوداً صغيراً، فكسر كل واحد عوده بسهولة، ثم جمع لهم العيدان في حزمة واحدة، وطلب منهم كسرها، فعجزوا جميعاً، فقال لهم: "في اتحادكم قوة، وفي تفرقكم ضعف وهوان".. وهذه القصة وحكمتها تبدو اليوم أكثر واقعية للحالة والوضع الذي يعيشه حزب المؤتمر الشعبي العام.. فبعد أن كان حزباً واحداً صلباً، فأصبح ممزقاً بين ثلاثة تيارات متناحرة: تيارٌ تحت هيمنة الحوثيين في صنعاء، وآخر تحت مظلة الشرعية، وثالث يتمحور حول أسرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وبعض أنصاره، انقسامه جعل الحزب الذي كان يوماً ما العمود الفقري للسياسة اليمنية هشّاً، قابلاً للكسر، فلم يعد ذاك الحزب الذي شكّل لسنوات طويلة عموداً من أعمدة السياسة اليمنية، فالاحتفال بذكرى تأسيسه الذي منعه الحوثيون مؤخراً ليس مجرد منع لفعالية حزبية، بل يعكس حرباً سياسية داخلية وخارجية تهزّ الحزب من جذوره، الحزب اليوم منقسم إلى ثلاثة تيارات متنافسة: حزب يتبع الحوثيين، حزب يتبع الشرعية، وحزب يتبع أسرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وأنصاره.
انقسام الحزب وتداعياته
بعد اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2017، انقسم المؤتمر الشعبي العام عملياً إلى ثلاث تيارات رئيسية:
المؤتمر الموالي للحوثيين: يسيطر على بعض الهياكل المحلية للحزب، ويشارك الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لهم.
المؤتمر الموالي للشرعية: يضم قيادات ونواب سابقين في البرلمان، ويحاول الحفاظ على دور الحزب في المؤسسات الوطنية، لكنه يواجه تحديات في تأمين حاضنة جماهيرية بسبب القيود الحوثية.
المؤتمر الموالي لأسرة صالح: يمثل مصالح أسرة الرئيس الراحل ويحاول إعادة الهيمنة على الحزب ورمزيته التاريخية، لكنه يجد نفسه محاصراً بين طرفي الصراع الآخرين.
تفكيكه سياسيًا!
يشير المحللون إلى أن الانقسام العميق للحزب يعكس الأزمة السياسية العامة في اليمن، حيث تُستخدم الأحزاب التاريخية كأدوات للهيمنة الإقليمية والمحلية. ويضيف الخبراء أن منع الاحتفالات واختطاف القيادات ليس فقط لتفكيك المؤتمر، بل أيضاً لتقويض أي منافس محتمل للحوثيين على المشهد السياسي.
ردود الفعل لمنع احتفالاته
استنكر العديد من السياسيين المحليين منع الاحتفالات، محذرين من خطورة اختفاء أي دور مستقل للحزب في السياسة اليمنية، أما على الصعيد الدولي، فقد أعربت بعض المنظمات عن قلقها إزاء تزايد الانتهاكات بحق الأحزاب المعارضة، معتبرة أن استمرار هذه الانقسامات يهدد فرص السلام والمصالحة الوطنية.
المؤتمر بين الماضي والحاضر
حرب المؤتمر بين الماضي والحاضر ليست مجرد صراع حزبي داخلي، بل هي مرآة لصراع القوى في اليمن. مع استمرار الانقسامات الثلاثة، يطرح السؤال: هل يستطيع الحزب، الذي كان رمزاً للوحدة الوطنية، أن يستعيد دوره التاريخي، أم أن اليمن السياسي أصبح أسيراً للهيمنة الفردية والجماعات المسلحة؟