رغم الظروف الصعبة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، وفي عالم مليء بالتحديات، تظهر بين الحين والآخر قصص نجاح ملهمة في مجالات عدة ، أبطالها شباب من ذوي الإعاقة . في مدينة عدن تبرز قصة شاب يعاني من طيف التوحد – بحسب تشخيص الأطباء – استطاع أن يتحدى الإعاقة ، و يحقق انجازا في تعلم اللغة الإنجليزية ، مؤكدا أن الإرادة هي السبيل لتحقيق الطموح لكل إنسان .
علي كارم علي قاسم شاب يبلغ من العمر 23 عاما ، من مواليد مديرية المنصورة بمحافظة عدن ، تم تشخيصه في وقت مبكر أنه يعاني التوحد وقد أشار بعض الأطباء أن حالته ميؤوس منها ، و قد يواجه تحديات كبيرة في حياته المستقبلية.
إلا أن إصرار علي ودعم أسرته الكريمة كانا أقوى من توقعات الأطباء فقررت أن تخوض معه هذا التحدي، لتكون نموذجا ملهما في تخطي الصعاب والانتصار للإرادة مؤكدة أن الإعاقة لن تكون يومًا سببا في تحقيق الطموحات .
لقد كان صبر الأسرة و إيمانها بالله، وبما يمتلكه ابنهم من إرادة صلبة ، الأساس الذي قام عليه هذا النجاح، فالتحق علي منذ وقت مبكر بالتعليم الأساسي، وتخرج من الثانوية العامة بمعدل 98%، مما شجع أسرته على دعمه لمواصلة مسيرته التعليمية والتحق بعد ذلك بأحد معاهد تعليم اللغة الإنجليزية، لتعزيز مهاراته استعدادا لدراسة السنة التحضيرية التي اجتازها بنجاح، ليبدأ مشواره في كلية اللغات بجامعة عدن .
تحدث إلينا الشاب علي كارم، والفرحة تغمره مؤكدا أن ما حققه هو ثمرة صبر أسرته وتشجيعها المستمر إضافة إلى الدعم الذي تلقاه من صندوق رعاية وتأهيل المعاقين – المركز الرئيسي ـ عدن، الذي تكفل بتغطية رسوم دراسته في معهد اللغة الإنجليزية والجامعة . ويضيف علي أنه حاصل على العديد من الشهادات التقديرية لحصوله على المراكز الأولى خلال مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وهو اليوم في سنته الثالثة بكلية اللغات – جامعة عدن، و يأمل أن يواصل دراسته العليا في مجال اللغة الإنجليزية التي يحبها بشغف، معتبرًا إياها "لغة العصر" ونافذة للتواصل مع العالم .
أما والد الشاب علي وهو من أسرة متواضعة من ذوي الدخل المحدود، فقال كان علي منذ طفولته شغوفا بالقراءة كنت أصطحبه معي خارج المنزل، ولاحظت أنه يقرأ العبارات المكتوبة على اللوحات الإعلانية للمحال التجارية رغم صغر سنه، وهو ما عزز قناعتنا بقدرته على التعلم، مؤكدا أن لولا فضل الله، وتفهم الدكتورة نجوى فضل، مديرة صندوق رعاية المعاقين، التي وجهت باعتماد رسوم دراسته في المعهد والجامعة ، لما كان للشاب علي أن يحقق هذا الإنجاز، فقد أدركت أنه يمتلك قدرات و يستحق الدعم ليكون نموذجا للشباب المثابرين .
من خلال قصة علي كارم وزملائه ، يتضح لنا جليا أن الإعاقة ليست حاجزا أمام النجاح ، بل قد تكون سببا لاكتشاف المواهب ، وتشجيع ذوي الإعاقة على التعلم والمشاركة الفاعلة في المجتمع . ولا بد من إيجاد بيئة تعليمية داعمة تمكنهم من تنمية قدراتهم كونهم شريحة مهمة في المجتمع .