آخر تحديث :الأحد-21 سبتمبر 2025-07:30م
أخبار وتقارير

الرئيس علي ناصر يكشف كواليس صراع النفط في شبوة: شركة "هنت" والأطماع الأميركية فجّرت الفتنة في 1985

الأحد - 21 سبتمبر 2025 - 06:08 م بتوقيت عدن
الرئيس علي ناصر  يكشف كواليس صراع النفط في شبوة: شركة "هنت" والأطماع الأميركية فجّرت الفتنة في 1985
(عدن الغد) خاص:

عدن الغد/د. الخضر عبدالله :


في شهادة سياسية نادرة، كشف الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد عن تفاصيل صراع معقّد اندلع في محافظة شبوة عام 1985، كان النفط محورَه الرئيسي، والأطماع الأميركية والخليجية خلف كواليسه، مشيراً إلى أن شركة "هنت" النفطية الأميركية، بدعم مباشر من إدارة جورج بوش الأب، لعبت دوراً محورياً في إشعال التوتر بين صنعاء وعدن، من خلال سعيها للاستحواذ على حقول نفطية في مناطق جنوبية، ما اعتبرته حكومة عدن آنذاك اختراقاً خطيراً لسيادتها وتهديداً لمسار التفاهم والوحدة.


قال الرئيس الأسبق علي ناصر محمد إن عام 1985 حمل مفاجأة غير متوقعة في وقت كانت فيه العلاقات بين صنعاء وعدن تسير نحو التهدئة، بعد سنوات من الصراع في المناطق الوسطى. وأضاف أن المشاريع التنموية كانت قد بدأت تأخذ طريقها، بالتزامن مع بدء أعمال التنقيب عن النفط في مأرب، إلى أن وقعت حادثة وصفها بـ"الطعنة في الظهر" من قوات شمالية تقدمت واحتلت مناطق في محافظة شبوة الغنية بالثروات النفطية.


وأوضح ناصر أن الدوافع الرئيسية وراء هذا التصعيد كانت السيطرة على مواقع يُعتقد بوجود احتياطات نفطية ضخمة فيها، مشيراً إلى أن تلك المناطق كانت محل اهتمام شركة "هنت" الأميركية، التي ارتبطت بعلاقات وثيقة مع إدارة الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأب. وبحسب ناصر، فإن بوش نفسه حضر افتتاح أول بئر نفطي في مأرب عام 1986، وصرّح بأن العلاقة ستكون مباشرة مع صنعاء، متجاوزاً أي اعتبارات سيادية أو اتفاقات محلية.


وفي معرض حديثه، كشف الرئيس الأسبق عن أن هذه الخطوة الاستفزازية كانت محاولة لضم تلك المناطق إلى الامتياز النفطي الممنوح لشركة "هنت"، رغم أن حكومة عدن كانت ترى في ذلك اعتداءً سافراً على أراضيها وسيادتها.


وأضاف ناصر أن السعودية كانت تضطلع بدور مشابه، مشيراً إلى أن مقررات دراسية سعودية كانت تُدرّس خرائط تظهر محافظتي مأرب والجوف ضمن الأراضي السعودية. وقال إن هذا المخطط تم رصده من خلال أحد موظفي الخارجية اليمنية في صنعاء، وقد تم تقديم شكوى مباشرة إلى الملك فهد الذي وعد حينها بتعديل المقررات، في سياق ضغوط مارستها واشنطن لكبح التوسع السعودي في اليمن.


وتحدث ناصر عن تصاعد الأصوات داخل القيادة في عدن المطالبة بالرد العسكري على "العدوان الشمالي"، حيث طُرحت خطط تتضمن ضرب منشآت شركة "هنت" في صافر، واستهداف مطارات صنعاء وتعز والحديدة، وحتى تنفيذ عملية شاملة شبيهة بـ"الحرب الخاطفة" (Blitzkrieg) على نمط الحرب العالمية الثانية. لكنه – بحسب قوله – رفض تلك المقترحات، مفضّلاً إعطاء الحوار فرصة أخيرة، رغم معرفته بأن "النظام في صنعاء لم يكن مخلصاً في نواياه".


وكشف عن اتصال هاتفي أجراه بالرئيس صالح منتصف الليل لاحتواء الأزمة، وقال: "قلت له إذا خابت المساعي، فأنتم تتحمّلون المسؤولية، وسنردّ على القوة بالقوة، والبادي أظلم"، إلا أن صالح وافق في نهاية الأمر على زيارة عدن، وهو ما اعتبره ناصر محاولة لامتصاص التوتر دون حلول حقيقية.

وشدد الرئيس الأسبق على أنه لم يكن مستعداً للتفريط بشبر من الأرض الجنوبية، لكنه أيضاً كان يعي أن الحرب ستفتح أبواب الجحيم على اليمن والمنطقة، في وقت كانت فيه الظروف الإقليمية والدولية غير مهيأة لدعم أي تحرك عسكري من هذا النوع.


وأوضح ناصر أن القرار العسكري باحتلال أجزاء من شبوة جاء بعد تهديد صريح من مدير شركة "هنت"، الذي قال إن "الشمال سيضطر لاحتلال المنطقة في حال لم يُمنح الامتياز النفطي"، معتبراً هذا التصريح "متغطرساً واستعمارياً" ويكشف حجم النفوذ الأميركي في قرار صنعاء آنذاك.

وختم ناصر حديثه بالتأكيد على أن اليمن الجنوبي دفع ثمن تمسكه بالسيادة ورفضه تحويل ثرواته إلى ساحة نفوذ للشركات الأجنبية ومصالح القوى الإقليمية، وأن الأزمة لم تكن مجرد خلاف على بئر نفط، بل كانت حلقة في سلسلة أطماع استهدفت ثروات اليمن واستقراره ومستقبله.