قال تياغو أفيلا- الناشط البرازيلي بأسطول الصمود العالمي- إن القافلة تبحر الآن على بعد ١١٨ ميلا بحريا من قطاع غزة؛ متوقعا الوصول لسواحل القطاع غدا الخميس الساعة ١٠ صباحا بالتوقيت المحلي لغزة.
وصرح رئيس سابق للاستخبارات البحرية الإسرائيلية لبي بي سي بأن الجيش الإسرائيلي قد يتحرك لاعتراض السفن بالقرب من الساحل، نظراً لوجود سفن من قوات بحرية أخرى.
وقال لي إيال بينكو: "لو كنتُ صاحب القرار، لاشتبكتُ معهم داخل المياه الإقليمية الإسرائيلية لتجنب التصعيد".
وأضاف أن البحرية الإسرائيلية "لديها النية والإرادة الكاملة لعدم التصعيد مع القوات البحرية الصديقة ومن على متن السفن".
يأتي ذلك في الوقت الذي حثّت فيه إيطاليا واليونان، إسرائيل على عدم التعرّض للناشطين الموجودين على متن "أسطول الصمود العالمي"، في ظل تخوّفات من إقدام إسرائيل على "تصرّف" لمنع السفينة من توصيل المساعدات إلى غزة.
وقالت روما وأثينا في بيان مشترك: "نحثّ السلطات الإسرائيلية على ضمان أمن وسلامة المشاركين والسماح بكل تدابير الحماية القنصلية".
وقال منظمو أسطول الصمود العالمي في بيان إنه تم رصد "سفينة حربية إسرائيلية" في ساعة مبكرة من فجر الأربعاء تقترب من السفينة "ألما" إحدى السفن الرئيسية التابعة للقافلة.
وأضافوا أنه تم تطويق السفينة "ألما" لفترة وجيزة قبل أن تقترب إلى سفينة أخرى تحمل اسم "سيريوس" وتغادر المنطقة، على حد قول البيان.
وخلال هذه الواقعة، تم تعطيل وسائل الاتصال على متن السفينة، بما في ذلك أنظمة البث عن بُعد عبر الدائرة المغلقة للسفن.
وفي حين حاولت السفينة الإسرائيلية الاقتراب من "ألما"، اضطر القبطان لإجراء مناورة حادة لتفادي اصطدام مباشر من الأمام، وفقاً للمنظمين.
وفي أثناء هذه العملية؛ أعلن الأسطول حالة التأهب القصوى، واضطر المشاركون للإلقاء بهواتفهم في البحر وفقاً للبروتوكول المتفق عليه في هذه الأوضاع، إذ كانوا يتوقعون اعتراض الأسطول ليلة أمس.
"حرب نفسية"
وتعليقاً على رصد السفينة الإسرائيلية، قال تياغو أفيلا في مؤتمر صحفي إن الجيش الإسرائيلي كان يحاول شنّ ما وصفها بـ"حرب نفسية" على أجزاء من الأسطول أثناء الإبحار حوله.
وأضاف أفيلا أن سفينتهم "ألما" تعرّضت لأضرار هيكلية، لكنها لا تزال تواجه أضراراً إلكترونية وميكانيكية مستمرة.
ومن على متن سفينة تحمل اسم "سيريوس"، تحدثت ليزي بروينكا - إحدى المشاركات - قائلة "بعد مغادرة السفينة الإسرائيلية ألما، اقتربت من سيريوس. لم تصطدم بها مباشرة، بل حوَّمتْ حولها لنحو 15 دقيقة".
ونوّهت بروينكا إلى أن من على متن السفينة سيريوس شعروا بالتوتر، ما أثار الخوف بين بعض أفراد الطاقم.
وشاركت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الأممية الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية، في المؤتمر قائلة إن اعتراض إسرائيل للأسطول سيكون غير قانوني، مشيرة إلى أن "الأسطول يُبحر في المياه الدولية حيث لا يحقّ لإسرائيل أن تعترض السفن".
وفي الوقت نفسه، حثّت روما وأثينا الناشطين على قبول اقتراحٍ توفيقيّ يقول بتسليم المساعدات إلى الكنيسة الكاثوليكية والسماح بدخولها إلى غزة وتجنُّب أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
وأفادت تقارير بأن أعضاء أسطول الصمود رفضوا هذا المقترَح، قائلين إن جزءاً من مهمّتهم يتمثل في تحدّي إسرائيل وفضْح حصارها البحريّ على غزة، والذي يعتبرونه غير قانوني.
وكانت إيطاليا أعلنتْ سَحب دعمها لأسطول الصمود، وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن مثل هذا الجهد قد يتعارض مع مقترح الرئيس الأمريكي ترامب المعلَن يوم الاثنين والخاص بإنهاء الحرب في غزة.
ويضم أسطول الصمود 40 قارباً مدنياً تحمل على متنها 500 شخصية، بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ.
السفينة الإيطالية "تحاول تخريب" مهمتنا
وقال "أسطول الصمود العالمي" إن سفناً "مجهولة الهوية" اقتربت من عدة قوارب تابعة له، بعضها كان يبحر دون أضواء. وذكر الأسطول في منشور على منصة تلغرام أن السفن غادرت، وأن المشاركين التزموا بـ"الإجراءات الأمنية" استعداداً لاحتمال "الاعتراض".
وكان "الأسطول" قد أفاد خلال الليل بأن نشاط الطائرات المسيّرة يتزايد فوق الأسطول مع اقترابه من وجهته"، مضيفاً أنه "دخل الآن منطقة الخطر الشديد، وهي المنطقة التي تعرضت فيها أساطيل سابقة للهجوم أو الاعتراض".
قبل ذلك، صرّح ناشطون على متن قوارب تابعة لـ"الأسطول" بأنه تم رصد "سفينة إسرائيلية" على بعد خمسين مِيلاً من القافلة، وتم رفع حالة التأهب القصوى للأسطول استعداداً لـ"اعتراضٍ إسرائيليٍ" محتمل الليلة.
وكان المسؤولون عن "أسطول الصمود العالمي" - الذي يبحر باتجاه غزة - قد اتهموا الفرقاطة الحربية الإيطالية المرافِقة للقافلة، بـ"محاولة تخريب" مهمتهم.
وأشار البيان، إلى أن وزارة الخارجية الإيطالية أبلغت الأسطول بأن "الفرقاطة البحرية التي ترافقه، ستقوم قريباً بإرسال نداء لاسلكي، تقدّم فيه للمشاركين "الفرصة الأخيرة" لمغادرة السفن والعودة إلى البر، قبل الوصول إلى ما يسمى "المنطقة الحرجة"، قائلاً إن هذا الأمر "ليس من قبيل الحماية بل التخريب".
وأضاف البيان أنه "إذا كانت إيطاليا تريد حقاً حماية الأرواح، لَما كانت ستتصرف كمنفذ لإسرائيل، ولا كانت لتضغط على المدنيين للتراجع، بل كانت ستستخدم أسطولها البحري لضمان مرور المتطوعين السلميين بأمان إلى غزة، لفرض القانون الدولي، وتوصيل الإمدادات المنقذة للحياة".
جاء ذلك بعد أن دعت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، الثلاثاء، "أسطول الصمود" الذي يحاول إيصال المساعدات الدولية إلى غزة، إلى وقف مهمته فوراً.
وقالت ميلوني إن "الإصرار على المواجهة مع إسرائيل قد يُخلّ بالتوازن الهش الحالي الذي قد يُفضي إلى السلام بناءً على الخطة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، مضيفة أن "الكثيرين سيكونون سعداء بعرقلة" هذه الخطة.
وأضافت في بيان: "أخشى أن تُشكّل محاولة الأسطول لاختراق الحصار البحري الإسرائيلي ذريعةً لذلك. ولهذا السبب أيضاً، أعتقد أن الأسطول يجب أن يتوقف الآن".
وقالت ياسمين أجار، عضو اللجنة التوجيهية للقافلة، إن قوارب الأسطول وصلت للإبحار ضمن ما وصفته بـ"المنطقة البرتقالية"، التي تسبق ما اعتبرته "منطقة عالية الخطورة"، والتي اعترضت فيها القوات الإسرائيلية من قَبل مهامَّ بحريةً كانت متجهة بدورها إلى شواطئ القطاع.
وأضافت لبي بي سي عربي من على متن السفينة "ألما" أن "الجميع بخير، والمعنويات عالية، وجميع القوارب في حالة استعداد".
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد قالت إن قوات البحرية الإسرائيلية رفعت حالة التأهب لاعتراض "أسطول الصمود العالمي"، ومنعه من الوصول إلى قطاع غزة.
وأضافت أن هناك 50 سفينة دخلت في ما سمّته "نطاق اعتراض إسرائيل"، قائلة إنه قد تُسحَب سفن القافلة إلى ميناء أشدود مع "احتمال إغراق بعضها في البحر".
وأشارت إلى أن التحضيرات جارية "لنقل من هم على متن السفن، إلى سفينة بحرية كبيرة، نظراً لعدد السفن الكبيرة التابعة للأسطول" هذه المرّة.
ويُذكر أن منظمي "الأسطول" يقولون إن هدفه "كسر الحصار غير القانوني المفروض على غزة بحراً، وفتح ممر إنساني، وإنهاء الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني" - فيما علّق سابقاً المسؤول بوزارة الخارجية الإسرائيلية، عيدن بار طال، قائلاً إن "إسرائيل لن تسمح لأي سفينة بدخول منطقة القتال النشطة... الغاية الحقيقية من هذا الأسطول هي الاستفزاز وخدمة حماس، وليست بالتأكيد جهداً إنسانياً".
وتفرض إسرائيل حصاراً بحرياً على غزة منذ سيطرتْ حركة حماس على القطاع المشاطئ للبحر المتوسط في 2007، ومنذ ذلك الحين قام ناشطون بمحاولات عديدة لتوصيل المساعدات إلى غزة عن طريق البحر.
وفي عام 2010، لقي تسعة ناشطين مصرعهم بعد أن هاجم جنود إسرائيليون أسطولاً مؤلَّفا من سِتّ سُفن على متنها 700 شخصية من 50 دولة.
وفي يونيو/حزيران من هذا العام، اعتقلت إسرائيل الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ و11 آخرين هم أفراد طاقم سفينة صغيرة مع الاقتراب من غزة.