آخر تحديث :الثلاثاء-14 أكتوبر 2025-04:43م
اليمن في الصحافة

حروب بلا نهاية.. ألغام اليمن تلتهم أرواح الأبرياء وتحول الحقول إلى مقابر صامتة

الثلاثاء - 14 أكتوبر 2025 - 01:21 م بتوقيت عدن
حروب بلا نهاية.. ألغام اليمن تلتهم أرواح الأبرياء وتحول الحقول إلى مقابر صامتة
عدن الغد ( متابعات ) الجزيرة

ما تزال الألغام الأرضية في اليمن تكتب فصولًا جديدة من المأساة، لتتحول من أدوات حرب إلى شِراك موتٍ تصطاد المدنيين في طرقاتهم وحقولهم.


في إحدى قرى محافظة لحج، انتهت حياة الشاب علي جديب، في العشرين من عمره، عندما داهمه لغم جرفته السيول إلى طريق اعتاد أن يسلكه كل صباح لرعي أغنامه. لم يمهله الانفجار لحظة نجاة، لتتحول صرخته الأخيرة إلى صدى ألم في ذاكرة قريته.


وبعد أيام فقط، شهدت البيضاء حادثة أخرى، حين فقدت السبعينية نظرة الحبجي أحد أطرافها أثناء عملها في مزرعتها، بعدما فاجأها لغم مدفون تحت تراب أرضها.


وتُظهر الأرقام حجم الكارثة؛ إذ تشير بيانات وزارة حقوق الإنسان إلى مقتل 4501 مدني وإصابة أكثر من 5083 خلال العقد الأخير بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة، فيما تؤكد منظمة إنقاذ الطفولة أن النصف الأول من عام 2025 شهد وحده إصابة ومقتل 107 مدنيين، معظمهم من الأطفال.


في مركز الأطراف الصناعية بعدن، تتجسد المأساة في ملامح ضحايا يحاولون التكيّف مع أطراف صناعية بعد أن سرقتهم الألغام أطرافهم الأصلية. يقول يوسف مقبل، خمسيني من أبين: "من يوم الانفجار وأنا على كرسي متحرك.. فقدت عملي في الحياكة وصرت عبئًا على أسرتي".


أما كاتبة محمد من الضالع، فنجت من الموت لكنها فقدت ساقها في طريقها لزيارة ابنتها، لتقول بصوت يختلط بالحزن: "انفجر اللغم في لحظة.. ثلاثة ماتوا وأنا بقيت بساق مقطوعة".


ويؤكد خبراء أن اليمن اليوم يُعد من أكثر دول العالم تلوثًا بالألغام، حيث تُتهم جماعة الحوثي بزراعة كميات ضخمة دون خرائط توثيق، مما يجعل عمليات نزعها شبه مستحيلة.


ويقول الخبير في نزع الألغام جمال السالمي – وهو نفسه أحد الضحايا – إن “الألغام لم تعد سلاحًا عسكريًا، بل أصبحت سلاحًا ضد المدنيين”.


ووفقًا لمدير مشروع "مسام" أسامة القصيبي، تم حتى نهاية سبتمبر 2025 نزع أكثر من نصف مليون لغم من أصل ما يقدر بأكثر من مليوني لغم مزروعة في الأراضي اليمنية.


لكن الخطر لا يتوقف عند القتل والتشويه؛ فالألغام تقوّض الأمن الغذائي وتدمّر الاقتصاد الريفي، إذ حوّلت مساحات شاسعة من المزارع إلى حقول موت، وأجبرت آلاف العائلات على النزوح بحثًا عن الأمان.


وهكذا، تبقى الأرض اليمنية، التي كانت مصدر رزقٍ وسلام، اليوم شاهدة على حربٍ صامتة لا تزال تزرع الموت تحت أقدام الأبرياء.