آخر تحديث :الإثنين-20 أكتوبر 2025-12:30ص
مناسبات

عَادَ (أحمَد) . . و العَودُ أحمَد

الأحد - 19 أكتوبر 2025 - 11:01 م بتوقيت عدن
عَادَ (أحمَد) . . و العَودُ أحمَد
(( عدن الغد )) ــ بقلم / عيدروس زكي السَّقَّاف

عَادَ (أحمَد) . . و العَودُ أحمَد


(( عدن الغد )) ــ بقلم / عيدروس زكي السَّقَّاف


حين يعود القائد . . يعود الوطن إلى نفسه .


تتنفَّس المدن بعودة رجالها ، و تزهر الطرقات متى وطأتها أقدام من أحبُّوها بصدق ، و تستعيد الأماكن نبضها عندما تسترجع من منحها معنى الوجود ، و في يوم الثلاثاء الموافق 14 أكتوبر 2025 م ، ارتفعت أنفاس الأرض شكراً ، و تَهَادَى الضوء على جبين محافظة لحج ، كتحيةٍ من السماء إلى إنسانٍ عَادَ محمَّلاً بالسلام و العزم . . عَادَ معالي اللواء الركن أحمد عبد اللَّه علي تُركي ، محافظ محافظة لحج رئيس المجلس المحلي للمحافظة قائد اللواء " 17 " مُشاة بالمحافظة ، يحفظه اللَّه و يرعاه ، فَعَادَ الأمل ، و عَادَ النُّور إلى الوجوه ، التي أنهكها الانتظار ، إذ لا يعود القائد وحده ، و إنَّما تعود معه الرُّوح ، التي لا تُقْهَر ، و الإرادة ، التي لا تَنْطَفِئ .


عَادَت الحياة ، لتنبض في شرايين محافظة لحج ، مع انبلاجة ذلك اليوم الأغر ، الذي حَمَلَ بين طيَّاته ، بشارة العَوْدَة الميمونة للمحافظ القائد " تُركي " ، بعد رحلة علاجية خارجية ، تكلَّلت بالنجاح ، بحمد اللَّه تعالى ، في جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة ، و أيضاً ، عقب زيارة مثمرة قام بها المحافظ " تُركي " ، إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ، و بعودته المباركة ، ارتدت محافظة لحج ، ثوب الفرح ، و انفرجت ملامح أبنائها ألَقَاً ، إذ عَادَ من حَمَلَ همومها في قلبه ، و سَهِرَ من أجل استقرارها متفانياً ، في ليالي الشِّدَّة ، فاستقبلته الأرض ، التي أحبَّها ، كما تستقبل الأم ابنها ، بعد غيابٍ طال ، بالعناق و الدُّعاء ، و بالدُّمُوع و الابتسامة ، في مشهدٍ ، جَمَعَ بين الأمل و الوفاء .


لم تكن عودة المحافظ " تُركي " ، مجرَّد حدث بروتوكولي ، أو مناسبة رسمية ، لكنها عودة نبضٍ ، و ضميرٍ ، و ذاكرةٍ وطنية ، ففي كل زاوية من محافظة لحج ، تردَّد اسم المحافظ " تُركي " ، كما تتردَّد الأغاني في مواسم الحصاد ، بيد أن اسمه ارتبط بالعطاء ، و الإسهام البَنَّاء ، و العمل الدَّؤوب ، و لقد جَسَّد طوال مسيرته نموذج المسؤول ، الذي لا تغويه الأضواء ، و لا تستهويه المظاهر ، بل يُنصِت إلى أنين المواطن ، و يترجم احتياجاته ، إلى فعلٍ ملموسٍ ، على أرض الواقع .


كان غياب المحافظ " تُركي " ، جرحاً مفتوحاً ، في وجدان أبناء محافظة لحج ، غير أنّهم ظَلُّوا على يقين ، بأنَّ من اعتاد مواجهة العواصف ، لا تهزمه وعكة ، و من صُلْب التَّجربة ، وُلِدَ صبرهُ و صلابته ، لذلك ، جاءت عودته بمثابة شفاءٍ جماعي للنُّفُوس ، قبل الأجساد ، إذ أنه لم تُضمَد جراحه وحده ، و إنَّما تَضَمَّدَت معها مشاعر مئات الآلاف ، الذين شعروا أنّ قائدهم عَادَ ، ليكمِّل معهم درب البناء و الإصلاح .


و ما إن وطئت قدما المحافظ " تُركي " ، تراب الوطن ، حتى بدا المشهد ، كأنّ الأرض تنفَّست ، بعد طول احتباس ، و كأنَّ نسائم الصباح ، استردّت عبيرها المفقود ، و ارتجف الأُفُق بالحنين ، و اهتزَّت الأرواح فرحاً ، و بدت محافظة لحج ، كأنها عروس تتهيَّأ للقاء فارسها المنتظر ، و المحايا تبسَّمت من عمق الدَّمع ، و القلوب لوَّحت له قبل الأيادي ، في لحظةٍ امتزج فيها الضوء بالعاطفة ، و العطر بالدُّمُوع ، و الوطن بالوجدان . لم تكن لحظة استقبالٍ فحسب ، بل قصيدة عودةٍ ، كتبها النَّاس بعيونهم ، و وقَّعها الوطن بأنفاسه ، عندما التقت الخُطَى ، على ترابٍ اشتاق ، و سماءٍ بَارَكَت اللِّقاء بنُورٍ يشبه الدُّعاء .


و اكتسبت عودة معالي اللواء الركن أحمد عبد اللَّه علي تُركي ، محافظ محافظة لحج رئيس المجلس المحلي للمحافظة قائد اللواء " 17 " مُشاة بالمحافظة ، رفقة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمَّد العليمي ، رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، و معالي الفريق الركن محمود أحمد الصُبَيحِي ، مستشار فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي لشؤون الدفاع و الأمن ، بقدومهم معاً ، من مدينة الرِّياض عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة ، بُعدَاً رمزياً استثنائياً ، و تصادفت عودتهم سوياً ، مع احتفالات الشعب اليمني العظيم ، بالذكرى الـ " 62 " لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 م المجيدة ، التي حرَّرت الوطن من الاحتلال البريطاني ، و انعكست هذه المصادفة ، في نجوى النَّاس ، على هيئة احتفال مزدوج : فرحة باستعادة قائدهم بعد غياب ، و سعادة بذكرى البطولة الثورية الوطنية الأكتوبرية الخالدة ، التي أرست دعائم الاستقلال و الكرامة ، فامتزجت دُمُوع الفرح الفردية بدُمُوع الوطن جمعاء ، و ظهرت محافظة لحج ، و كأنها تُعِيد إحياء رُوح الثورة في قلوب مواطنيها ، مع المحافظ " تُركي " ، الذي عَادَ ليواصل معهم مسيرة البناء و الاستقرار ، تماماً ، كما أكملت الثورة ، طريق الحرية و الاستقلال .


لقد مَثَّلَت فترة علاج المحافظ " تُركي " الخارجية ، محطَّة تأمُّل و تفكُّر ، للإفاضة أكثر من عمله الحثيث لتطوير الخدمات العامة بمحافظة لحج ، من لُبِّ صفاء بصيرته ، و غمرة قوَّة إصراره ، بتجربته الإنسانية الفريدة ، و مع عودته ، بدا أكثر عزماً ، و أشدَّ قرباً ، من قلوب النَّاس ، حَامِلَاً معه الرؤى الجديدة النَّاهضة بمحافظة لحج ، و مفعماً بالحيوية النَّاشطة ، التي تُنَبِّئ بانطلاقة مرحلة أكثر إشراقاً ، في مسارات التنمية و الخدمات .


و ما إن استقرَّت خُطَى المحافظ " تُركي " ، في أرض محافظته لحج ، حتى تَرْجَم بأياديه الواثقة بالعمل الصَّارم المؤمن بقدراته و إرادته ، و بقلبه المتفائل النَّابض بالأمل في مستقبل المحافظة ، وعده القديم ، بأن تكون العودة بداية لمشوار قيادة حقيقي ، و مسار تنمية متواصل ، تَتَحَوَّل كل خطوة ، إلى فعل ملموس ، و كل فكرة ، إلى مشروع يلامس حياة الناس ، فاستهلَّ المحافظ " تُركي " ، صباح اليوم الأحد الموافق 19 أكتوبر 2025 م ، أولى نشاطاته العملية الميدانية بتدشين مرحلة جديدة من الإنجاز المُحَقَّق ، مُبَاشِرَاً مسيره الرَّاسخ ، بتفقُّده لمشاريع إنشاء المباني الأساسية لحديقة لحج الكبرى ، بمنطقة جَلَاجِل بمديرية تُبَن بمحافظة لحج ، تلك المساحة الخضراء ، التي يُرَاد لها أن تكون رئة المحافظة ، و ملتقى أنفاس أبنائها ، فوقف المحافظ " تُركي " ، بين مهندسيه و عمَّاله ، يتأمَّل تفاصيل المشروعات ، بعينٍ خبيرة ، تَعرِف أن العمران الجوهري ، يبدأ من نقطة التقاء الجمال بالمنفعة ، و من صوغ لَبِنَات الرَّفاهيَّة ، على قواعد من الإخلاص و التَّخطيط السليم ، فكانت خطواته على أراضي المشاريع ، بمثابة نبضٍ جديدٍ للحياة ، إذ تفقَّد مبنى إدارة الحديقة ، و تابع أعمال إنشاء عددٍ من المرافق الحيوية : سوبر ماركتين حديثين ، و ثلاثة بوفيهات ، و كشكين لبيع تذاكر الدخول ، و مكتبٍ مخصَّصٍ للحراسات الأمنية للحديقة ، بالإضافة إلى أربعةٍ و عشرين دورة مياه عامة ، صُمِّمَت لتخدم زُوَّار الحديقة بكرامةٍ و راحة ، و في مظاهر ، هذا الصباح النَّدي ، بدا المشهد ، أشبه بيوم ولادةٍ جديدةٍ لرُوح المدينة ، و كانت أدوات البناء تَصدَح بأنغام العمل ، و تتناثر الحجارة حول الأساسات ، كحروفٍ أولى في كتاب النهضة ، و لم يكن المحافظ " تُركي " هناك ليشهد فحسب ، و لكنه ليؤكد ، كذلك ، أن الوعود التي تُقَال في زمن الغياب تتبدَّل في زمن العودة إلى أفعالٍ تُثمِر ، و أن التنمية ليست شعاراً يُرفَع فقط ، و إنَّما مسيرة ، تبدأ من الميدان ، و تكبر بالعرق و العزيمة ، و أضحت على ملامح القائد ، الذي لا يُريد للعودة أن تكون استراحة ، بل وثبةً جديدة ، نحو إحراز ما وعد به ، فكان تدشينه العمل التفقُّدي لهذه المشروعات ، إشارة دالَّة على أن عجلة البناء في محافظة لحج ، لن تتوقَّف ، و أن الأرض ، التي أنجبت الأبطال قادرة على أن تُنْبِت الإنجاز ، متى ما وُجِدَ القائد المؤمن برسالته ، العامل بضميره ، الساعي لأن يرى في كل ركنٍ من محافظته ، ملامح نهضةٍ تليق بتاريخها و مكانتها ، مثل المحافظ " تُركي " .


إن عودة المحافظ " تُركي " ، إلى محافظته لحج ، بعد رحلة العلاج خارج الوطن ، أعادت ترتيب الأولويَّات في ذهن القائد ، و جعلته يرى في كل تفصيلٍ من تفاصيل الحياة معنى جديداً للعطاء و المسؤولية ، و من عمق التَّجربة ، نَبَعَت طاقةٌ متجدِّدة للعمل ، و تصميمٌ على أن تكون كل خطوة قادمة ، ترجمةً لرسالته الإنسانية و الوطنية الصادقة المعهودة .


و تُثْبِت هذه العودة ، أن العلاقة بين القائد و المجتمع ، ليست علاقة سلطة و رعيَّة ، و إنَّما علاقة حبٍّ متبادل ، و تلاحم إنساني عميق ، فلقد هَبَّت إليه الجموع بعفويةٍ مخلصة ، تُعَبِّر عن امتنانها لقائدٍ ظلَّ بينهم و فيهم ، لا يرى نفسه إلَّا واحدًا منهم ، و لعلَّ أعظم ما في هذا المشهد ، أنه كَشَفَ عن عمق الثِّقَة ، التي غرسها المحافظ " تُركي " ، في نفوس أبناء محافظته ، على مدى سنوات من العمل الميداني الأمين .


ها هو اليوم ، يعود المحافظ " تُركي " ، محمَّلاً بتجاربٍ إنسانية أعمق ، و بوعيٍ أشمل بأهمية الصحة و الإدارة و الحياة . . يعود ليُعِيد تنظيم الأسبقيَّات ، و يُجَدِّد حيوية المرافق الخدمية ، و يزرع في كل قطاع رُوح العمل الجماعي و الشفافية و المساءلة ، فالقائد الذي واجه أعتى المصاعب ، يعرِف كيف يغرس الأمل ، في أرضٍ عطشى إلى النُّور .


استقبلته محافظة لحج ، الفوَّاحة بعبق التاريخ ، مهد الجود ، و جمال الرُّوح ، عنوان البَهَاء و الأصالة ، المشرقة سرمداً ، رغم تعاقب الفصول ، بزخَّاتٍ من المَحَبَّة ، لا تقل عن زخَّات المطر ، و بأفئدةٍ تفيض عرفاناً و بهجة ، و ارتفعت دعوات القوم في المحافظة ، و تناقلت الأخبار في مناطق مديرياتها ، و رَفرَفَت مشاعر النَّاس كأعلامٍ من الفرح ، فلم تكن العودة مجرَّد رجوع جسدٍ إلى مكان ، بل عودة معنى إلى مكانته ، و عودة الهِمَّة إلى الميدان ، و عودة القيادة إلى موقعها الطبيعي في مُهَج الجماهير .


و في الختام المسك لهذا المقام السَّامي ، تتجدَّد الآمال بأن تكون هذه العودة الزَّاهرة ، فاتحة عهدٍ جديد ، من البذل و التصحيح و العطاء ، لأجل المحافظة ، الأرض و الإنسان ، فإن عودة معالي اللواء الركن أحمد عبد اللَّه علي تُركي ، محافظ محافظة لحج رئيس المجلس المحلي للمحافظة قائد اللواء " 17 " مُشاة بالمحافظة ، ليست مجرَّد رجوع محافظٍ ، إلى موقعه الإداري القيادي فحسب ، و إنَّما رجوع رُوحٍ ، إلى محافظة لحج الغَنَّاء ، و عودة نبراسٍ ، إلى دروبها ليُبَدِّد العتمة ، و يقود المسيرة ، نحو غدٍ أكثر بريقاً ، و عدلاً ، و إنسانية ، و كرامة .