أثار بيان جديد أصدرته ميليشيا الحوثي موجة سخرية واسعة في الشارع اليمني، بعد أن زعمت الجماعة تحقيق “إنجاز أمني نوعي” من خلال كشف ما وصفته بـ”شبكة تجسس عالمية” في صنعاء، في وقت لم يتضمن البيان سوى أسماء مكررة وسيناريو وُصف بأنه ركيك ومصطنع.
ووفقاً لمتابعين تحدثوا لصحيفة عدن الغد، فإن البيان الحوثي جاء نسخة مكررة من بيانات سابقة صادرة عن ما يُسمى بـ”الإعلام الأمني”، وأضاف هذه المرة ما أُطلق عليه “البلكة الخرسانية” كشخصية في القصة التي نسجتها الجماعة، حيث حمل جميع الأسماء في الرواية اسم “علي”، في مشهد هزلي انتهى بتلاوة البيان بصوت المدعو علي حسين بدر الحوثي.
ويرى مراقبون أن البيان ليس سوى محاولة جديدة لتضليل الرأي العام، وتخويف المواطنين داخل مناطق سيطرة الحوثيين كلما واجهت الجماعة انشقاقات أو إخفاقات عسكرية. ويشير هؤلاء إلى أن الجماعة دأبت على بث بيانات وهمية بعنوان “إنجاز أمني نوعي” بهدف صرف الأنظار عن أزماتها المتصاعدة.
وقال محللون إن “الحديث عن شبكة تجسس عالمية تعمل داخل صنعاء باستخدام البلوكات وريموتات السيارات” يُظهر مدى الهشاشة التي وصلت إليها المنظومة الأمنية الحوثية، مؤكدين أن الهدف من هذه البيانات هو إيهام أنصار الجماعة بأنها لا تزال تملك السيطرة، رغم الانهيارات التي تشهدها صفوفها.
وأوضحوا أن كل مرة يعلن فيها الحوثيون عن كشف “شبكة تجسس”، يكون ذلك مؤشراً على وجود أزمة حقيقية داخلية — سواء انشقاقات بين القيادات أو خلافات مالية أو فقدان دعم من جهات خارجية — فيلجأون إلى اختراع قصص وهمية لصرف الأنظار.
وأكدت مصادر مطلعة أن الجماعة تجبر معتقلين أبرياء على تقديم “اعترافات” تحت الإكراه والتعذيب، ثم تخرج بها عبر الإعلام كـ”انتصارات أمنية”، لتبرير فشلها في إدارة مؤسسات الدولة المنهارة، وإشغال الرأي العام عن قضايا المعيشة وانقطاع الرواتب وغياب الخدمات.
وبحسب مراقبين في صنعاء، فإن تزايد الانتقادات من داخل مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصًا من ناشطين وحقوقيين يصفون الوضع بالكارثي، دفع الجماعة إلى فبركة هذه المسرحية لإعادة فرض أجواء الخوف وإسكات الأصوات الناقمة.
وتؤكد مؤشرات الرأي العام في صنعاء أن الناس لم تعد تصدق هذه “المسرحيات الأمنية”، معتبرين أنها دليل على الارتباك والذعر الذي يعيشه الحوثيون في الداخل، إذ لم تعد تهمة “الدعشنة” أو “الارتزاق” تجدي، فلجأت الجماعة إلى تهمة “التجسس” لإعادة إنتاج الخوف.
وبات كل من يطالب بصرف المرتبات أو يرفض الجبايات أو ينتقد الفساد عرضة للاتهام بالعمل ضمن “خلية تجسس”، في مسعى لإسكات كل صوت معارض وإعادة إحكام القبضة الأمنية.
ويرى محللون أن توقيت البيان لم يكن عشوائيًا، بل جاء بعد تصاعد الغضب الشعبي والحديث الواسع عن فساد قيادات الحوثيين وثرائهم الفاحش في وقت يعيش فيه المواطن البسيط الفقر والجوع.
ويخلص مراقبون إلى أن هذه البيانات الملفقة تمهد لمرحلة من التصفيات الداخلية بين قيادات الجماعة، حيث تتحول تهمة “التجسس” إلى سلاح سياسي جاهز لتصفية الخصوم داخل التنظيم نفسه، في مؤشر على عمق الأزمة التي تعيشها الجماعة في ظل انحسار شعبيتها وانكشاف فسادها أمام اليمنيين.
غرفة الأخبار / عدن الغد