آخر تحديث :الثلاثاء-25 نوفمبر 2025-09:10ص
اليمن في الصحافة

لقاءات مكثّفة في مسقط وسط مخاوف من عودة الحرب الشاملة في اليمن

الثلاثاء - 25 نوفمبر 2025 - 07:53 ص بتوقيت عدن
لقاءات مكثّفة في مسقط وسط مخاوف من عودة الحرب الشاملة في اليمن
صنعاء (عدن الغد) أحمد الأغبري - القدس العربي:

على مدى ثلاثة أسابيع تقريبًا ومسقط تُكثّف من جهود وساطتها باتجاه نزع فتيل التوتر الراهن في اليمن، وسط مخاوف من عودة الحرب المفتوحة، في ظل ارتفاع نبرة الخطابين السياسي والإعلامي، وعودة لغة التهديد، وتصاعد مؤشرات الحشد والتعبئة هنا وهناك.

وبلغت الوساطة العُمانية ذروة جهودها المعلنة مؤخرًا، في لقاءات شهدتها العاصمة العُمانية، الأحد والاثنين، وآخرها لقاء وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أمس الاثنين في مسقط، بالمبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إن عراقجي أجرى محادثات معه. وأشار المبعوث الأممي «إلى التطورات المتعلقة باليمن»، داعيًا «إلى استمرار دعم إيران لدور الأمم المتحدة وجهودها الرامية إلى تحسين الوضع ومواصلة عملية السلام في اليمن».

وجاء هذا اللقاء غُداة لقاء وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، كل على حدة، وزير الخارجية الإيراني، والمبعوث الأممي الخاص لليمن، فيما التقى وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، خليفة الحارثي، نائب وزير الخارجية في الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًا، مصطفى النعمان.

وتأتي هذه اللقاءات بعد يومين من إعلان المبعوث الأممي، غروندبرغ، اختتام زيارة لمسقط، التقى خلالها عددًا من كبار المسؤولين العُمانيين، وكبير مفاوضي حركة «أنصار الله»، مُحمّد عبد السلام.

ونشرت وزارة الخارجية العُمانية، مساء الأحد، سلسلة من التدوينات عن ثلاثة لقاءات.

وقالت إن وزيري الخارجية العُماني والإيراني «تبادلا وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية، لاسيما الجهود المبذولة لخفض التوتر في المنطقة ودعم المسارات الدبلوماسية لمعالجة الأزمات».

وأكدَّ الجانبان «أهمية استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار، ودعم مبادرات التنمية والسلام في المنطقة».

فيما قالت إنه جرى خلال لقاء البوسعيدي بالمبعوث الأممي «مناقشة الجهود الرامية لمساندة الأطراف اليمنية للانخراط في مسار التفاوض، وصولًا لحل سياسي مستدام ينهي الأزمة في اليمن، ويحقق تطلعات شعبه في الأمن والاستقرار».

وكان وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، قد التقى نائب وزير الخارجية في الحكومة اليمنية.

وحسب الخارجية العُمانية، تناول اللقاء «مستجدات القضية اليمنيّة، والمساعي التي تُبذل من أجل التوصل لحل سياسي وتوافقي بين الأطراف اليمنية، بما يحقق إنهاء الصراع وعودة الاستقرار لليمن الشقيق».

تأتي هذه اللقاءات عقب أيام قليلة من زيارة هي الثانية، خلال ثلاثة أسابيع، قام بها المبعوث الأممي الخاص لليمن، غروندبرغ، للعاصمة العُمانية، وأعلن الأخير، الأربعاء الماضي، اختتام الزيارة، التي «عقد خلالها مباحثات مع الشيخ خليفة علي عيسى الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعدد من كبار المسؤولين العُمانيين، لاستعراض آخر المستجدات ودفع جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن».

كما التقى غروندبرغ، بكبير مفاوضي حركة «أنصار الله»، مُحمّد عبد السلام، «وركّز النقاش على ضرورة تهيئة بيئة مواتية لعملية سياسية بنّاءة وجامعة»، وفق بيان المبعوث الأممي.

وكان غروندبرغ قد زار مسقط، خلال الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر/ تشرين الأول، «وأجرى مناقشات مع كبار المسؤولين العُمانيين، وكبير مفاوضي أنصار الله، محمد عبد السلام، ونائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي».

تأتي هذه اللقاءات في مرحلة تشهد فيها الأزمة اليمنية احتقانًا سياسيًا وتوترًا غير مسبوق يهدد بعودة الحرب المفتوحة، وهو ما تعلن عنه رسائل الخطاب الإعلامي، وعمليات الحشد والتعبئة في خطوط التماس، لاسيما في ظل شيوع أخبار، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن فشل مساعي مسقط في احتواء التوتر.

ووفق مراقبين فإن سلطنة عُمان، تستأنف جهودها كـوسيط موثوق في المنطقة، وتنطلق في هذه اللقاءات من حرصها الدائم على مواصلة جهودها المعهودة في دعم المساعي الدولية لإنهاء الصراع في اليمن، وذلك انطلاقًا من أهمية أمن واستقرار اليمن بالنسبة لأمنها واستقراها.

كما يمثل استئناف وساطتها تأكيدًا على دورها، الذي استطاعت من خلاله تحقيق اختراقات سابقة في الحرب هناك، وبخاصة على صعيد الوساطة بين السعودية و»أنصار الله» (الحوثيون)، وصولًا إلى زيارة السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى صنعاء في أبريل/نيسان 2023، وعقد مباحثات ثنائية، تلتها مباحثات بين الجانبين في الرياض، وكانت قد سبقت ذلك زيارات سرية متبادلة بين الجانبين.

كما لا يمكن تجاوز حقيقة مهمة، وهي أن هذه اللقاءات تأتي في وقت تتصاعد فيه الأصوات الدولية والمحلية لإنهاء الحرب في اليمن، وتحقيق سلام مستدام، على الرغم مما يشوب ملف الحرب من تعقيدات وتشابكات محلية واقليمية ودولية يبدو معها الحل بعيدًا.

كما لا يمكن تجاوز الوضع الراهن الذي يشهد ارتفاع مؤشرات الحشد والتعبئة في الداخل اليمنيّ، بالتوازي مع عودة نبرة خطاب الحرب، التي كانت قد سكنت وتراجعت نسبيًا.

من نافل القول إن عُمان مارست خلال السنوات الماضية دوراً محورياً في تسهيل الحوار بين الحوثيين والسعودية، وتمارس حاليًا دورًا مهمًا بين الأطراف اليمنيّة، كما تدعم بالتوازي الوساطة الأممية الرامية إلى إيجاد حل سياسي شامل.

وتدرك مسقط، في الوقت عينه، طبيعة الملف اليمني وتعقيداته وارتباطاته بمصالح إقليمية ودولية ومحلية متداخلة، لكنها تبدو معه حريصة على عدم استئناف التصعيد الشامل، إدراكًا منها لخطورة ما سيحصل في حال استأنفت الحرب المفتوحة، لاسيما بعدما تحقق من تقارب وتوافق واختراق خلال السنوات الماضية جراء وساطتها.

مما سبق، فمسقط تدرك أهمية هذه اللقاءات باعتبارها تمثل فرصة حقيقية لتبادل وجهات النظر حول آخر التطورات في اليمن، والاسهام في تقريب المسافات باتجاه دعم عملية السلام؛ بما يدفع بالتوازي في تخفيف المعاناة الإنسانية، التي تمثل بعدًا جوهريًا لا يمكن تجاهله في التعامل مع هذه الأزمة، التي تصفها الأمم المتحدة بأسوأ مأساة إنسانية في التاريخ.

إن استمرار اللقاءات والمفاوضات المباشرة أو غير المباشرة في مسقط قد يسهم في التوصل اليوم أو غدًا إلى نقاط مشتركة تقود إلى ما بعدها، لكن هل ستستطيع مسقط تحقيق هذا في الوقت الراهن، واحتواء التوتر القائم؟ هذا ما ستقوله الأيام المقبلة، خاصة في حال توافقت المواقف الإقليمية والدولية في الحرص على إغلاق ملف الصراع في اليمن، من خلال تسوية سياسية شاملة تحفظ أمن البلد ووحدته وسيادته؛ وهنا يرى مراقبون إن الطريق إلى ذلك مازال طويلا.

إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»(الحوثيون)، علي القحوم، أمس الاثنين، في تدوينة على منصة إكس إن «الشعب يعي خطورة المعركة، ويعرف العدو الحقيقي لليمن كل اليمن، وأن الأمريكان وأدواتهم القذرة وراء المعاناة جراء استمرار العدوان والحصار، وأن ردة الفعل ستكون تجاههم بلا محالة، وسيتوجه الشعب بكل قوة في كسر غطرستهم، وإفشال مؤامراتهم». ويتهم الحوثيون السعودية بالتنصل عن البدء في تنفيذ اتفاق خريطة الطريق، التي أعلنت الأمم المتحدة عن توافق الأطراف اليمنيّة عليها في 23 ديسمبر/ كان الأول 2023.

وخريطة الطريق هي نتاج مفاوضات جمعت قيادات في «أنصار الله» ومسؤولين سعوديين عقب مفاوضات سرية سعودية عُمانية مهّدت للقاءات سعودية حوثية لاحقًا بهدف انجاز اتفاق تسوية سياسية بين طرفي النزاع في اليمن.

يُشار إلى أن آخر اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن قد وقعّه الطرفان اليمنيان برعاية أممية في أبريل/ نيسان2022، وتم تجديده مرتين لمدة ستة شهور، وانفرط العقد في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول في العام ذاته، ليستمر الاتفاق بشكل غير رسمي من خلال ما يُعرف بخفض التصعيد.