آخر تحديث :الإثنين-01 ديسمبر 2025-07:06م
أدب وثقافة

"هنا يجد الشعر صدًى": تونس تُكَرِّم الشاعر اليمني محمود أبوبكر في ليلة وداع تليق بالكلمة

الإثنين - 01 ديسمبر 2025 - 06:55 م بتوقيت عدن
"هنا يجد الشعر صدًى": تونس تُكَرِّم الشاعر اليمني محمود أبوبكر في ليلة وداع تليق بالكلمة
تونس (عدن الغد) صديقة التستوري:

في لحظة سامية امتزج فيها عظيم الامتنان بمرارة الوداع، شهدت "دار كبورة" المطلة على مدينة نابل أمس الأحد 30 نوفمبر، احتفالاً مهيباً وتكريماً حافلاً للشاعر والأكاديمي اليمني الدكتور محمود أبوبكر، الذي يستعد لمغادرة تونس بعد رحلة علمية وأدبية أثرت المشهد الثقافي.


لم يكن الحفل مجرد مناسبة لتوديع شاعر، بل كان تتويجاً لجسر ثقافي حفر بالكلمة والقصيدة بين ضفتي اليمن وتونس. نظمت هذا اليوم الثقافي البارز تحت عنوان "منبر الشعر والأدب" في دورته الخامسة، المجلة الرقمية "نيابوليس" ممثلة بمديرها الشاعر محمد هادي عون، بالتعاون مع جمعية "مراجعات" ممثلة بالشاعر والناقد الأستاذ المختار الزراتي، ومجموعة من الجمعيات التي حضرت باسم شعراء وأدباء تونس.


تكريم يعانق قيمة الكلمة

ازدانت القاعة بملامح التراث التونسي الأصيل، محتفيةً بحفاوة نابعة من إيمان عميق بأن الثقافة لا تعترف بالحدود الجغرافية، بل هي مساحة روح مشتركة. وقد تجسد هذا الاحتفاء في أبهى صوره عندما امتدت أيادي أهل الثقافة في تونس لتقدم للضيف درع التكريم و باقات من الورد اليانع، ليس تقديراً لشخصه فحسب، بل للكلمة التي حملها في قلبه من اليمن ووجد لها في تونس مستقراً وفضاءً رحباً.


وبلغ التكريم ذروته في اللفتة المعبرة التي قدمها الطلاب اليمنيون المقيمون في تونس، حيث أهدوا الدكتور أبوبكر وسام التميز باسم السفارة اليمنية والشعب اليمني، وذلك بحضور ومباركة سعادة السفير عبد الناصر باحبيب، عميد السلك الدبلوماسي، والأستاذ الدكتور مسلي بحيبح، المستشار الثقافي في السفارة. وقد شاركت في تنظيم التكريم الروائية والشاعرة حنان الشلي، مساعدة مدير "نيابوليس"، التي ساهمت في إنجاح اليوم الثقافي بامتياز.


الشاعر يعرب عن الامتنان: تونس كرّمت اليمن

في تعليق مؤثر نشره الدكتور محمود أبوبكر على صفحته، وصف اللحظة بأنها تختلط فيها المشاعر بين الاعتزاز والامتنان، مؤكداً أن الدرع الذي قُدِّم له لم يكن مجرّد قطعة فنية، بل كان "رمزًا لجسر طويل من المحبة، حُفِر بين اليمن وتونس بالكلمة والقصيدة والعطاء الثقافي".


وأضاف بعبارات تفيض بالحب: "وقفتُ بينهم أحمل باقة الورود والدرع، لكني كنت أحمل في داخلي امتنانًا لا يوصف. لقد كان هذا التكريم تتويجًا لمسار من المحبة المتبادلة، قبل أن يكون احتفالًا بمسيرة إبداعية. تونس — بلد الزيتونة، بلد المثقف الحر — لم تُكرّمني وحدي؛ بل كرّمت اليمن في شخصي، وكرّمت الجسر الإنساني الذي يمكن للشعر أن يبنيه بين الشعوب." واختتم بالقول إن هذا اليوم سيظل واحداً من أجمل الأيام في رحلته الأدبية، يوم صافحَت فيه تونسُ اليمنَ، ويومٌ صافحَت فيه القصيدةُ قلبَ الأمة.


قصائد الشجن والوفاء

ولم يغادر الشعر منصبه في هذا اليوم، فقد ألقى الدكتور محمود أبوبكر قصيدة معبرة بعنوان "شرفاً بتونس" جسد فيها اعتزازه بالمحبة الدافئة التي وجدها في تونس، قائلاً:


شَـرَفًا بـتونسَ قَـدْ مُـنِحْتُ وَجـاهَا\ بَــلْ كُــلُّ مَــنْ هُــوَ لِـلـمَعَالِي جَـاهَا\ وَمَــحَـبَّـةً مِــــنْ أَهْــلِـهَـا وَلَــطَـافَـةً\ لَيْسَتْ - وَأُقْسِمُ مَا عَرَفْتُ- تُضَاهَى


كما شارك الشاعر اليمني الفذ إبراهيم القحوي بـ "باقة وداع" مهداة لصديقه المحتفى به، عبّر فيها عن عمق الصداقة وصدق الوداد بين المبدعين، مثنياً على مكانة الدكتور أبوبكر الشعرية:


أزِف الــوداع وكلُّــنــا مـتــمَـــهِّــلُ\ إلّاك عـن هــذا السّـوى مـتــرحّــلُ\ محمود من أصـل المحامد وسْمُـهُ\ فــــذٌّ بـمــيــــدان الـمــكـــارم أوّلُ


لقد كانت ليلة الوداع في "دار كبورة" شهادة حية على دور الثقافة في تعزيز اللحمة العربية وعمق الاخوة، وتؤكد أن جسور الشعر والمحبة بين تونس واليمن باقية متينة.