أبين – محفوظ كرامة / خالد دهمس
في محافظة أنهكتها التحديات وتبحث عن بارقة أمل، تبرز مؤسسة تمكين للتنمية المستدامة كواحدة من أبرز قصص النجاح الشبابية في السنوات الأخيرة؛ قصة بدأت بفكرة صغيرة تحوّلت خلال فترة قصيرة إلى مؤسسة فاعلة تُحدث أثرًا ملموسًا في التعليم والصحة وتمكين المرأة والشباب وبناء السلام.
وراء هذه المؤسسة تقف شابة لم تتجاوز الثالثة والعشرين من عمرها. جواهر عبدالله صالح عوض، المولودة عام 2002، اتخذت في الثاني من مارس 2023 قرارًا جريئًا بتأسيس مؤسسة من الصفر، دون تمويل أو دعم خارجي، معتمدة على إمكانياتها الذاتية وإيمان عميق برسالة التغيير.
وفي خطوة أبوية محفّزة، باع والدها سيارته ليمكّنها من بدء الطريق، لتحصل المؤسسة لاحقًا على تصريح وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم (362)، وتنطلق بثبات في عموم المحافظات المحررة. جواهر — التي ما تزال طالبة في المستوى الرابع بكلية الإدارة والاقتصاد بجامعة أبين — استطاعت أن تقدم نموذجًا مُلهِمًا لشابة تؤمن بقدرتها على مواجهة التحديات وصناعة أثر حقيقي في مجتمعها.
من العمل في جمعية أجيال خنفر الخيرية إلى إدارة مؤسسة مستقلة تدير مشاريع وبرامج باحترافية ومهنية وشفافية… هكذا بدأت رحلة “تمكين”.
من حلم شبابي إلى إنجازات على الأرض
لم يمض وقت طويل حتى أثبتت “تمكين” حضورها من خلال برامج ومشاريع نوعية، أبرزها:
مشروع تكامل بدعم من الاتحاد الأوروبي بالشراكة مع منظمة سيفرورلد، لتعزيز دور النساء في بناء السلام وصنع القرار في زنجبار وخنفر.
تأهيل 60 طالبًا وطالبة في الإسعافات الأولية والتمريض بالشراكة مع مكتب الصحة والهلال الأحمر.
تدريب 58 امرأة وفتاة في الخياطة والتطريز، و72 متدربة في إنتاج المشغولات اليدوية لتمكينهن من إنشاء مشاريع صغيرة.
برامج محاسبة مالية لدعم المشاريع الناشئة في 10 منشآت تجارية.
دورات في الإدارة المؤسسية وبناء القدرات.
أنشطة رياضية وشبابية لتعزيز التماسك ونبذ العنف.
حملات توعية بمخاطر المخدرات والاستخدام الآمن للهواتف الذكية.
مبادرات موسمية مثل إفطار الصائم وتوزيع ملابس العيد.
من التوعية إلى خلق فرص اقتصادية
نجحت المؤسسة في إنشاء مشغل إنتاجي يجمع بين التدريب العملي وتسويق المنتجات، ما فتح بابًا حقيقيًا للعديد من النساء لتأسيس مشاريع صغيرة أصبحت مصدر دخل ثابت لأسرهن.
وتروي إحدى المستفيدات وهي امرأة مطلقة تعيل طفلين ، كيف غيّر التدريب في الأعمال اليدوية حياتها، لتتحول من وضع صعب إلى مالكة بقالة توفر لها ولأسرتها حياة مستقرة.
جواهر عبدالله… شابة تقود مؤسسة وتلهم مجتمعًا بأكمله
تقول جواهر:
"لم نكن نملك إلا الإيمان برسالتنا… بدأنا من الصفر، لكننا وثقنا بأن أبين تستحق الكثير. واليوم نحصد نتائج جهد فريق شاب آمن بالتغيير."
وتشير إلى أن المؤسسة حرصت على إشراك ذوي الهمم والمهمشين والنازحين في مختلف البرامج، تقديرًا لقدرتهم على الاندماج والمشاركة بفاعلية.
تمكين الشباب وتمكين المجتمع
كان للشباب النصيب الأكبر، حيث تم تدريب 60 شابًا في الإسعافات الأولية، وإشراكهم في ورش التماسك المجتمعي وبناء السلام، إضافة إلى الإشراف على تنظيم دوري رياضي في مدينة الكود لتشجيع السلوكيات الإيجابية والحد من الظواهر السلبية.
أدوار إنسانية وتنموية متوازية
كما نفذت المؤسسة مبادرات إنسانية خلال شهر رمضان بتمويل ذاتي، وعملت على إنارة الطرق في مدينة جعار عبر الطاقة الشمسية، وإصلاح سقايات المياه، إلى جانب اهتمام متقدم بقضايا المناخ والحد من مخاطر الكوارث، حيث أصبحت عضوًا في فريق إدارة المخاطر ضمن مشروع تنفذه مؤسسة صُنّاع النهضة.
هيكل مؤسسي متين
تتكون مؤسسة تمكين من دوائر متخصصة تشمل:
الدائرة المالية
إدارة البرامج والمشاريع
إدارة المتابعة والتقييم
العلاقات العامة
الموارد البشرية
إدارة المرأة والطفل
قسم الحماية
مع إمكانية إنشاء دوائر إضافية حسب الحاجة.
خاتمة
“تمكين” ليست مجرد مؤسسة… إنها قصة نجاح شابة جعلت من الحلم بداية، ومن الصفر نقطة انطلاق، ومن الإيمان بالمجتمع بوابة للنجاح.
إنها رسالة واضحة:
عندما يؤمن الشباب بقدراتهم على التغيير… يصنعون واقعًا جديدًا.
