حذّرت صحيفة «عُمان» الناطقة باسم السلطنة من أن اليمن
يمر اليوم بأخطر منعطف في تاريخه الحديث، في ظل تحولات مقلقة تنقل البلاد من آمال التعافي وبناء الدولة إلى صراعات نفوذ داخلية ومخاطر تقسيم، تبدأ هذه المرة من الشرق الذي ظل لسنوات طويلة عنوانًا للاستقرار النسبي.
وقالت الصحيفة في رأي نشرته بتاريخ 13 ديسمبر 2025 إن حضرموت والمهرة كانتا تمثلان نموذجًا للهدوء الإيجابي مقارنة ببقية الجغرافيا اليمنية التي عانت من الانقسامات والضجيج السياسي والعسكري، مشيرة إلى أن ما يجري حاليًا يهدد بكسر آخر مظاهر الاعتياد على الاستقرار وفتح أبواب يصعب إغلاقها حتى لو توفرت النوايا لاحقًا.
وأوضحت «عُمان» أن الاستقرار الذي عرفه الشرق اليمني لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج توازنات محلية دقيقة قائمة على البنية القبلية والمصالح التجارية، والبعد الجغرافي عن مراكز القرار، إضافة إلى إرث اجتماعي سعى إلى حماية المجتمعات من عدوى الحرب. وحذّرت من أن العبث بهذه المعادلة يخلق سلطات موازية تتضخم سريعًا، وتحوّل الأمن إلى ولاءات، والمعابر إلى أدوات نفوذ، ما يؤدي إلى تراجع فكرة الدولة والشرعية وظهور أسواق موازية تترك جراحًا طويلة الأمد في النسيج الوطني.
وأكدت الصحيفة أن حضرموت، بثقلها الاقتصادي وساحلها وموانئها وعمقها البشري، لا يمكن إخضاعها بمنطق الغلبة، وأن المهرة تمثل مفصلًا جغرافيًا حساسًا مرتبطًا بحركة الناس والبضائع والمعابر، معتبرة أن الزج بهاتين المحافظتين في صراع نفوذ، في لحظة كان يُنتظر فيها بدء التعافي من إرث الحروب، لا يخدم مصلحة اليمن ولا استقلاله، ولا يحقق أي خير لشعب دفع أثمانًا باهظة خلال سنوات الصراع.
وأضافت «عُمان» أن انقسام الشرعية إلى معسكرات متعددة يفقد اليمنيين مرجعيتهم الجامعة، ويدفع بالكيانات إلى التقدم على حساب المؤسسات، لتتحول السياسة إلى سوق صفقات قصيرة العمر، فيما تبدأ فكرة تقسيم الدول ـ بحسب تجارب التاريخ ـ عندما يعتاد الناس أن لكل منطقة جهازها وقرارها ومواردها وعلاقاتها الخاصة، ويغدو الحديث عن اليمن الواحد مجرد خطاب سياسي منفصل عن واقع يُدار بعقلية التقسيم.
وشددت الصحيفة على أن سلطنة عُمان، ومنذ عقود، دفعت باتجاه الحفاظ على يمن موحد بعيدًا عن التجزئة، يقوم على دولة واحدة تكون هي المرجعية، مؤكدة أنها لم تنحز يومًا لطرف ضد آخر، بل انحازت دائمًا لفكرة الدولة والسيادة باعتبارهما الطريق الوحيد لضمان حياة كريمة للشعب اليمني.
ودعت «عُمان» إلى عدم تحويل حضرموت والمهرة إلى ساحات تنافس نفوذ إقليمي أو أوراق ضغط في مساومات مؤقتة، مؤكدة أن القوى المؤثرة في اليمن قادرة على كبح أي تمددات أحادية ودفع الأطراف نحو ترتيبات أمنية تحمي المجتمعات المحلية وتبقى تحت مظلة الدولة اليمنية لا منطق الأمر الواقع.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على أن لغة التهدئة وحدها لم تعد كافية إذا كان الواقع الميداني يسير في الاتجاه المعاكس، مشددة على أن وقف أي خطوات توسعية بشكل واضح يمثل الشرط الأهم لإنقاذ فكرة اليمن الواحد، وحماية شرقه من التحول من مساحة تعافٍ إلى جبهة صراع وتقسيم جديدة.
غرفة الأخبار / عدن الغد