في السعودية، سلّم يي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رسالة من الرئيس الصيني شي جين بينج، تتمحور حول العلاقات الثنائية بين البلدين، كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
واتفقت الصين والسعودية على “تعزيز التواصل والتنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية”، وأشادت بكين بدور الرياض في العمل الدبلوماسي في الشرق الأوسط.
وفي أبو ظبي، تعهّد يي بعد لقائه وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بتعزيز التعاون مع الدول الخليجية في مجالات الاستثمار والنفط والغاز والبنية التحتية.
وأعادت هذه الزيارة الحديث عمّا إذا كان هناك أهداف جديدة تسعى الصين لتحقيقها في منطقة الخليج من ورائها أم أنها تشكّل “امتداداً” لحركة المسؤولين الصينيين وزياراتهم المتكررة للمنطقة بهدف زيادة التعاون الاقتصادي بين الجانبين والبحث عن المزيد من الفرص الاستثمارية.
حدود الانخراط السياسي
لم يتم، خلال الزيارة، إطلاق أيّ مواقف تشير إلى تغيير في نهج الصين وأهدافها السياسية في منطقة الخليج. كما ظلّ الاستثمار والتعاون الاقتصادي الملعب الأساسي للمواقف التي أطلقها يي في السعودية والإمارات.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي عبد العزيز المعمري، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أن “بكين تعتمد دبلوماسية ناعمة تركز على التجارة وسلاسل الإمداد مع الحرص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، معتبراً أن “هذا النهج يصنّف الصين كشريك عندما يكون العائد الاقتصادي مضمونا، لكنه لا يضعها في موقع الفاعل السياسي التقليدي القائم على القيادة أو إعطاء الضمانات”.
وعن احتمال سعي الوزير الصيني إلى تقريب وجهات نظر السعودية والإماراتية بخصوص اليمن، يؤكد المعمري أن التباينات في وجهات النظر أمر طبيعي لا يستدعي تدخّلاً خارجيّا، وأن “الصين لا تبدو راغبة في الانخراط في ملفات سياسية ذات كلفة مرتفعة لا تمس مصالحها الاقتصادية بشكل مباشر، إذ تفضل التركيز على المسارات التي تخدم مشاريعها الاقتصادية والاستثمارية”.
ولطالما سعت بكين إلى الموازنة بين علاقاتها مع إيران والدول الخليجية.
وتؤمّن دول مجلس التعاون حصة كبيرة من واردات الصين من النفط، فيما تشكّل بكين أكبر الشركاء الاقتصاديين لإيران، وتربط البلدين اتفاقية تعاون استراتيجي طويل الأمد.
وكانت الصين قد نجحت في عقد اتفاق بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 2023.
وعقدت اللجنة الثلاثية السعودية – الصينية – الإيرانية المشتركة اجتماعاً في طهران، خلال الأيام الماضية، لمتابعة تنفيذ الاتفاق، وسط تأكيد على الالتزام بتطبيق بنوده.
ويرى الباحث في مركز البحوث والتواصل المعرفي الدكتور علي الخشيبان أنه لا ينبغي تفسير الدعم الصيني لإيران بوصفه تحالفاً استراتيجيّا شاملاً، مشدداً على أن الصين لا تزال بعيدة عن لعب دور “قطب دوليّ” منافس للولايات المتحدة من حيث القدرة العسكرية أو الاستعداد للمواجهة، معتبراً أن “أدواتها في المنطقة تظلّ محصورة في التأثير الاقتصادي والتكتيك الدبلوماسي”.
دول الخليج بين شريكيْن
في توصيف للتحول الجاري في منطقة الخليج، أشارت زينب ريبوع الباحثة في “مركز هدسون” في واشنطن، في مقابلة مع الزميل جو خولي، إلى أن المنطقة انتقلت من نموذج يقوم على تقاسم الأدوار بين أمن تقوده الولايات المتحدة واقتصاد توسعت فيه الصين إلى واقع أكثر تعقيداً.
وتوضح أن دول الخليج باتت تعيد تعريف مصالحها عبر شراكات انتقائية مع القوتين، بما يعكس تنامي استقلالية القرار الخليجي في نظام دولي يتجه نحو تعددية أكبر.
ويرى الخشيبان أنه “لا توجد مؤشرات سياسية أو أمنية جدية على سعي بكين لتحويل حضورها الاقتصادي إلى نفوذ استراتيجي بالمعنى السياسي”، فالصين، في نظره، ستظل شريكاً اقتصاديّا ومستهلكاً رئيساً للنفط الخليجي في المدى المنظور، وهو ما تدركه دول الخليج والولايات المتحدة.