في عمق جبال الوضيع وتحديداً في منطقة البُطان وُلد عام 1952م رجل من طينة الكبار حمل في قلبه همّ الوطن وفي روحه جذوة النضال هو الشيخ *محمد عوض منصور الفشاشي* الذي ارتبط اسمه بتاريخ مشرف من المقاومة والكرم والشهامة.
تلقى تعليمه حتى الصف السابع على يد الأستاذ الرئيس الجنوبي السابق *علي ناصر محمد*
أنجب الفشاشي 15 من الأبناء 9 ذكور و6 إناث. ومن أبنائه الذكور عوض، حسين، ناصر، علي، أحمد، عبدالله، صالح، فضل، ومنصور.
رحل اثنان من أولاده في مشاهد موجعة هما الشهيد *أحمد محمد عوض* الذي ارتقى في ميدان الشرف بكتاف مقبلاً غير مدبر مدافعاً عن الأرض ضد الحوثي
و *ناصر محمد* الذي توفي في السعودية لتترك هاتان الفاجعتان جرحاً عميقاً في قلب الوالد المناضل حتى تدهورت صحته إثر ذلك.
تربّى الفشاشي في أسرة ميسورة وكان مشاركاً مع والده في تجنيد الأبطال ضد الاستعمار البريطاني لكنه واجه مرارات التصفية والإقصاء بعد الاستقلال إذ تم استبعاد الأبطال الحقيقيين واستُهدفت أسرهم، فأُعدم البعض وهرب البعض الآخر وكان والده *عوض منصور الفشاشي* أحد الشهداء الذين اغتالتهم أيادي الغدر في سناح - الضالع عام 1972م.
هرب محمد الفشاشي إلى الشمال بعد أن صدر بحقه وبحق والده حكم إعدام سري وهناك عاش تحت مظلة *الجيش الشمالي بقيادة حسين عثمان عشال* لكنه أُقصي لاحقاً فاختار الكفاح في ميادين الحياة فكوّن ثروة محترمة من معدات وعقارات وسيارات وتقاسمها بسخاء مع إخوانه الستة مانحاً إياهم نصيباً متساوياً رغم أنه صاحب المال، في موقف يعكس نُبله وأصالته.
شارك في حرب تحرير جزيرة كمران وكان له رصيد نضالي في صفوف جيش عشّال لكنه لم ينل استحقاقه ورفض العودة إلى الحياة العسكرية بعد الوحدة في 1994 رغم عرض رتبة *عقيد* عليه مفضلاً الكرامة على المناصب.
عاش حياته مظلوماً لكنه بقي شامخاً محبوباً ومضرباً للمثل في *الكرم والشهامة والتواضع ونُبل الأخلاق*.
حتى وافته المنية في عام *2020م* متأثراً بمضاعفات فيروس كورونا تاركاً وراءه إرثاً من المواقف البطولية وسيرةً عطرة يرويها كل من عرفه.
*ومهما كتبنا عن الشيخ محمد عوض الفشاشي فلن نفيه حقه الكامل.*
فهو رجل بحجم وطن وسيرة بحجم التاريخ.
ما قدّمناه هنا ليس سوى *نُبذة يسيرة من بحر عطائه* ومقتطفات بسيطة من سيرة عطرة تستحق أن تُدوّن في مجلدات لا في بضعة أسطر.
نعتذر إن قصّرنا فالحديث عن الكبار لا يُمكن أن يختصره قلم ولا يفيه حقه أي بيان.
لكننا حاولنا بقدر الإمكان أن نسلّط الضوء على بعض من مواقفه المشرفة وصفاته النبيلة وسيرته التي ستظل *مصدر فخر واعتزاز لكل من عرفه أو سمع عنه*.
*رحم الله الشيخ محمد عوض منصور الفشاشي.. فقد كان من أولئك الرجال الذين لا تُنجبهم الحياة إلا نادراً.*