اكتظّت قاعة الزين للاجتماعات بمدينة سيئون، صباح اليوم السبت، بحضور نوعي وكثيف من المناصب والمشايخ والمقادمة، والوجاهات الاجتماعية، والمثقفين، والنخب السياسية، وممثلي مختلف شرائح المجتمع الحضرمي، تلبيةً للدعوة التي تبنّتها مجموعة من الوجاهات والشخصيات الاجتماعية في حضرموت، لعقد اللقاء التشاوري الحضرمي تحت شعار:
نحو إجماع حضرمي موحَّد .
وجاء انعقاد اللقاء في ظل مرحلة دقيقة تمر بها حضرموت، وفي سياق الحاجة الملحّة إلى توحيد الصف الحضرمي، وتدارس الأوضاع الراهنة سياسيًا وأمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وبحث سبل الخروج برؤية جامعة تعبّر عن الإرادة الحضرمية بعيدًا عن الإقصاء أو الوصاية أو التمثيل الأحادي.
وخلال اللقاء، جرت نقاشات صريحة ومسؤولة، اتسمت بالعمق والوضوح، عكست حجم القلق الشعبي من التطورات المتسارعة، وأكدت في الوقت ذاته على وعي المجتمع الحضرمي وقدرته على إنتاج موقف موحّد يحفظ السلم الاجتماعي ويصون وحدة حضرموت وحقوق أبنائها.
وفي ختام أعماله، صدر عن اللقاء بيان ختامي أكّد في مجمله أن حضرموت وحدة جغرافية وتاريخية واجتماعية متكاملة، لا يجوز اختزالها في مكوّن أو فئة أو شخص، وأن القرار الحضرمي حق أصيل لأبنائها وحدهم، يجب أن يُصاغ عبر التشاور والتوافق الجامع، بعيدًا عن الإملاءات والاستقطابات وتوظيف حضرموت في صراعات لا تخدم مصالحها.
وشدد البيان على التمسك بخيار الإجماع الحضرمي كمدخل وحيد لصون السلم الاجتماعي، وحماية النسيج المجتمعي، وتوحيد الموقف تجاه مختلف القضايا والمستجدات، داعيًا كافة المكونات والقبائل والقوى الاجتماعية والسياسية الحضرمية إلى الانخراط في مسار تشاوري شامل ومستدام يفضي إلى بلورة رؤية حضرمية موحّدة تعبّر بصدق عن تطلعات أبناء حضرموت.
كما طالب اللقاء بتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم الأمنية والإدارية والاقتصادية، وحماية ثرواتهم ومقدّراتهم، وتوجيهها لخدمة التنمية والاستقرار وتحسين مستوى المعيشة، مع التأكيد على رفض الفوضى والانفلات الأمني والتقطعات، ودعم كل الجهود الرامية إلى ترسيخ الأمن وسيادة القانون.
وأشاد البيان بالدور التاريخي لعلماء حضرموت ومرجعياتها الاجتماعية، مؤكدًا أهمية إحياء قيم الحكمة والتسامح والتكافل التي شكّلت على الدوام صمّام أمان للمجتمع الحضرمي.
وفي الجانب الأمني، ثمّن اللقاء تضحيات القوات المسلحة الجنوبية ودورها في مواجهة الإرهاب وحماية الأرض وصون كرامة الإنسان، مشيدًا بالدور البطولي الذي اضطلعت به في تحرير وادي حضرموت من قبضة التنظيمات الإرهابية وداعميها، وما مثّله ذلك من تحوّل مفصلي أعاد الاعتبار للأمن والاستقرار، وأنهى سنوات من التهديد المباشر لأرواح المواطنين ومقدّراتهم.
وأكد البيان ضرورة بقاء القوات المسلحة الجنوبية في مواقعها لحفظ الأمن والاستقرار، وضمان عدم عودة الإرهاب أو قوى الفوضى، إلى حين استكمال انتشار قوات النخبة الحضرمية على كامل تراب حضرموت، في إطار انتقال منظّم ومسؤول يراعي المصلحة العليا لأبناء المحافظة.
وأعلن اللقاء موقفًا حضرميًا واضحًا وقويًا مؤيدًا لبسط سيطرة قوات النخبة الحضرمية على كامل تراب حضرموت، ساحلًا وهضبةً وواديًا وصحراءً، باعتبارها قوة حضرمية خالصة نشأت من رحم المجتمع الحضرمي، وتحظى بثقته، وتمثّل الضامن الحقيقي لأمن حضرموت واستقرارها ووحدة جغرافيتها، مشددًا على أن توحيد الملف الأمني والعسكري تحت قيادة حضرمية مهنية يُعد استحقاقًا سياديًا لا يقبل التأجيل.
كما شدد البيان على أن أمن حضرموت خط أحمر، وأن أي وجود مسلح خارج إطار قواتها النظامية الحضرمية يشكّل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي، مؤكدًا أن حضرموت الجنوب، والجنوب حضرموت، وأن أي تهديد لأمنها هو تهديد لأمن الجنوب بأكمله.
وفي سياق أوسع، أكد اللقاء على حق شعب الجنوب العربي في استعادة دولته، داعيًا إلى إعلان دولة الجنوب العربي الفيدرالية كإطار سياسي جامع يضمن السيادة والاستقرار، ويحمي الحقوق والثروات، ويحقق تطلعات أبناء الجنوب في الحرية والكرامة والتنمية المستدامة، ويكفل لكل محافظة إدارة شؤونها بنفسها.
واختتم البيان بتوجيه الشكر والتقدير للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على دورهم المحوري في دعم الأمن والاستقرار، ومساندتهم المستمرة لشعب الجنوب العربي، وللقوات المسلحة الجنوبية وقوات النخبة الحضرمية.
وأكد المشاركون في ختام اللقاء أن حضرموت، بوعي أبنائها وإجماعهم، قادرة على تجاوز هذه المرحلة الدقيقة، وصياغة موقف حضرمي موحّد ومسؤول وفاعل، يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها:
حضرموت آمنة… موحَّدة… وبقرار أبنائها
حضرموت الجنوب… والجنوب حضرموت.
صادر عن: اللقاء التشاوري الحضرمي
سيئون – 20 ديسمبر 2025م


