آخر تحديث :الأحد-21 ديسمبر 2025-02:13م
أخبار المحافظات

فوضى العشوئيات والتخطيط العمراني في المدن الحضرمية

الأحد - 21 ديسمبر 2025 - 12:37 م بتوقيت عدن
فوضى العشوئيات والتخطيط العمراني في المدن الحضرمية
حضرموت((عدن الغد))خاص

بقلم / حسن علوي الكاف


شهدت بلادنا والمحافظات الجنوبية ومدن حضرمية تحديدًا عشوائية مفرطة في التخطيط والبناء العمراني، نتيجة لما مرت به بلادنا من فوضى وعشوائية بعد تجاهل النظم والقوانين وانشغال المسؤولين وعديمي الضمير بالثراء الفاحش وحب الدنيا، خاصة بالعقود الأخيرة، دون إعطاء اهتمام بالتخطيط السليم للمدن الرئيسة، مما أدى إلى تفاقم هذه العشوائية بشكل ملفت.


ما حصل من عشوائية يتحمل وزرها السلطة الحاكمة والقيادات الجنوبية والمجتمعية والعلماء والمواطن أيضًا. حيث أن دورهم جميعًا كان سلبيًا، فالسكوت على ما نشاهده من فوضى وعشوائية في مدننا أوقعنا في كوارث، نتيجة للسكوت والخنوع ولم نعمل بأيات الله وحديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛ رواه مسلم.


نشاهد المنكر بأم أعيننا ولم نحرك ساكنًا. هذه الفوضى قضت على المتنفسات والساحات العامة، حيث تم توزيعها أرضًا بين المتنفذين والبيع والشراء فيها غير مبالين بالمستقبل والأجيال. فقد شهدت مدن حضرمية مثل المكلا والشحر وتريم وغيرها عشوائية مفرطة بسبب عدم وجود خطط إستراتيجية للمستقبل.


ما دعاني إلى كتابة هذا الموضوع ما شاهدته في مدينة تريم العلم والثقافة وغيرها من المدن الحضرمية، العشوائية والفوضى أكثر سوءًا للتخطيط بالبناء نتيجة للاقبال على شراء الأراضي بمبالغ خيالية، حيث تم البناء في الأماكن العامة والمتنفسات ومضايقة الشوارع ومجاري السيول، وما حصل من كوارث في أثناء تدفق السيول نتيجة للعشوائية في البناء. هنا توقفت إحدى القواطر في طريق رئيس بتريم الساقية البحرية عيديد، رغم أن هذه الأماكن حديثة العهد، لم تستطع إكمال مشوارها بسبب مضايقة الشارع وعدم قدرتها بالمرور. كما لم يتم مراعاة دخول سيارات الإطفاء لو حصل لا سمح الله وجود حريق، أو دخول سيارة إسعاف لإنقاذ مريض والوصول إلى تلك الحارات بسرعة؟ هناك مناطق في تريم، منها ثبرة وحارات عيديد وغيرها من حارات تريم، لا يوجد حتى موقف لسيارة صغيرة، فما بالك بالسيارات الأخرى.


عشوائية وفوضى عارمة اجتاحت المدن ، وكان دور السلطة المحلية المتعاقبة وهيئة الاراضي وعقارات الدولة ووإدارات الأشغال العامة والطرق ومؤسستي المياه والكهرباء وأيضًا عقال الحارات ضعيف جدًا، حيث تم توصيل الخدمات لتلك الأماكن العشوائية بطرق ملتوية وبأوامر، رغم أن الكثير منها لا يملك وثيقة بل إستمارة، والهدف من التوصيل مزيدًا من الإيرادات التي تذهب أغلبها في غير مكانها الصحيح، والدليل تردي الخدمات.


كما تأتي بعض الشخصيات في المجتمع التي نعتبرها واعية وفاهمة تشتري تلك الأماكن وتبني فيها، رغم معرفتها بأنها تضايق الطريق والمارة وقد تسببت في حوادث موت وإصابات، مناكر يجب وقفها ومحاسبة من أمر بالصرف، لأن عواقبها على المجتمع مستقبلًا وخيمة.


الأمل بال الله كبير بأن القوانين والنظم يجب أن تنفذ، وستأتي الدولة القوية وتتخذ قرارات حازمة بوقف العشوائية والفوضى وإبعادها، ولن يظل الوضع مستمرًا على ما هو عليه. فقد حصل مسح لكل العشوئيات في بعض المدن الرئيسية، مثلما حصل في بعض دول الجوار. وهنا تكمن قوة الدولة وحب قيادتها التي تعمل لأجل الوطن والمواطن، وليس للمصالح الشخصية الضيقة أو للمكونات السياسية والحزبية.


لقد شوهتم سمعة حضرموت وأهلها، وعملتم على بناء مناطق بعيدة عن التخطيط الاستراتيجي السليم وعدم وضع رؤية مستقبلية شاملة للخدمات. إن هذه الفوضى والعشوائية لابد أن تتوقف، وسيسود القوانين والأنظمة وستطبق على الكبير والصغير، مهما كان منصبه وجبروته. وسنرى التخطيط السليم، وأنا لناظره لقريب إن شاء الله...