أجمعت مقالات وتحليلات صدرت اليوم الاثنين وتابعها المحرر الصحفي في صحيفة عدن الغد في صحيفتي عكاظ و*الرياض* على توصيف التطورات الجارية في محافظتي حضرموت والمهرة بوصفها لحظة مفصلية واختبارًا سياسيًا وأمنيًا بالغ الحساسية، مؤكدة أن المملكة العربية السعودية حسمت موقفها برفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة، وبأن استقرار شرق اليمن يمثل خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي مبرر.
وذهبت المقالات السعودية، على اختلاف زوايا تناولها، إلى أن ما تشهده حضرموت والمهرة لا يُعد حدثًا محليًا عابرًا، بل تطورًا يمس جوهر معسكر «الشرعية»، ومسار التسوية السياسية في اليمن، والأمن الإقليمي برمّته، في ظل مرحلة وُصفت بأنها لا تحتمل المغامرات ولا الخطوات الأحادية.
وفي مقال بعنوان «قراصنة عدن!» كتب محمد الساعد في صحيفة عكاظ، جرى تشبيه السلوك القائم على السيطرة بالقوة وفرض النفوذ المسلح بنمط «القرصنة السياسية»، معتبرًا أن التجربة الصومالية تقدم مثالًا صارخًا على مصير المشاريع التي تُبنى خارج منطق الدولة. وأكد الكاتب أن من يعيش على منطق القرصنة، سواء في البحر أو على البر، لا يمكن أن ينتج دولة أو استقرارًا، بل يفتح الباب أمام التفتيت والفوضى وتهديد الأمن الإقليمي والدولي.
أما فراس طرابلسي، فقد شدد في مقاله «حضرموت… أكبر من أي مغامرة سياسية» على أن حضرموت ليست ساحة استعراض سياسي ولا ورقة ضغط، بل منطقة توازن واستقرار تاريخي، لا يجوز الزج بها في صراعات لا تشبه طبيعتها الاجتماعية ولا موقعها الجيوسياسي. وأشار إلى أن التحركات الأخيرة جرت خارج المسار المؤسسي ودون توافق مع مجلس القيادة الرئاسي، ما يهدد بنقل التوتر إلى مناطق ظلت بعيدة نسبيًا عن الصراع، وهو ما عملت السعودية طويلًا على منعه.
وفي سياق أكثر صراحة، كتب خالد السليمان في عكاظ مقالًا بعنوان «اختبار الصبر السعودي!»، اعتبر فيه أن بيان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان نقل الرسالة بوضوح إلى جميع الأطراف، مفادها أن الخيارات باتت بأيدي اليمنيين أنفسهم، وأن استمرار العبث أو استغلال التضحيات السعودية لن يكون بلا ثمن. وذهب السليمان إلى أن المملكة التي واجهت مشروع الحوثي لن تتردد في التصدي لمشاريع ضيقة تهدد أمن اليمن والمنطقة، محذرًا من مغبة «اختبار الصبر السعودي».
ومن صحيفة الرياض، قدّم علي الخشيبان قراءة موسعة لرسالة وزير الدفاع السعودي «إلى أهلنا في اليمن»، معتبرًا أنها وضعت النقاط على الحروف بشأن الموقف السعودي من الانفصال، الذي وصفه بأنه مسار ينسف الجهود السياسية المتراكمة. وأكد الخشيبان أن المملكة تنظر إلى القضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية عادلة لا يمكن تجاهلها، لكنها في الوقت ذاته ترفض اختزالها أو إدارتها بالقوة، مشددًا على أن الحل يكمن في التوافق والحوار والالتزام باتفاق الرياض، لا في المغامرات التي لا تخدم سوى أعداء اليمن.
وفي الاتجاه ذاته، كتب خالد بن علي المطرفي مقالًا بعنوان «حتى لا تُختطف القضية الجنوبية.. المملكة ترسم خطوطًا فاصلة في حضرموت والمهرة»، اعتبر فيه أن الطلب السعودي بالانسحاب العاجل والسلمي من المحافظتين خطوة وقائية تهدف إلى منع صدام جنوبي–جنوبي، وحماية القضية الجنوبية من تحميلها كلفة سياسية وأمنية تفوق طاقتها. ورأى المطرفي أن بيان الخارجية السعودية يمثل وثيقة سياسية سيادية تعيد تعريف قواعد الاشتباك في الجنوب، وتفصل بوضوح بين عدالة القضايا وشرعية الوسائل، مؤكدًا أن لا قضية عادلة تُدار خارج التوافق ولا نفوذ يُبنى على فرض الأمر الواقع.
وتتقاطع هذه المقالات جميعها عند خلاصة واحدة، مفادها أن السعودية أعادت رسم الإطار الذي يجب أن تُدار ضمنه التطورات في حضرموت والمهرة، باعتبارهما نقطتي ارتكاز في معادلة الاستقرار اليمني والإقليمي، وأن استمرار التصعيد أو تجاهل الرسائل السعودية يضع الأطراف المعنية أمام كلفة سياسية وعسكرية وقانونية مرتفعة.
ووفق ما عكسته الصحافة السعودية، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل مزيدًا من التشظي أو المغامرة، وأن الطريق الوحيد الممكن يتمثل في العودة إلى المسار السياسي، والالتزام بالمؤسسات الشرعية، وتغليب منطق الدولة والحوار على منطق السلاح، باعتبار ذلك الخيار الوحيد القادر على حماية اليمن، وصون القضية الجنوبية، ومنع انزلاق المنطقة إلى جولة صراع جديدة.