آخر تحديث :الإثنين-13 أكتوبر 2025-12:09ص

الصبر ضياء

السبت - 23 أبريل 2022 - الساعة 09:57 م
حسين مصطفى

بقلم: حسين مصطفى
- ارشيف الكاتب


 

الحمد لله منزل الرحمات وغافر الذنوب والسيئات ، الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والمثيل فلا يشبه شيئا من خلقه ولا يشبهه من خلقه شيء ، الحمد لله الذي لا يظلم أحدا ولو كان مثقال حبة من خردل، وصلاة الله البر الرحيم والملائكة المقربين على نور الدنيا من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وبعد:  

(الصبر ضياء ) هي كلمات قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينطق رسول الله صلى الله عليه وسلم من هواه  فقد قال الله تعالى:(وما ينطق عن الهوى) وهو من أوتي مجامع الكلم فالصبر ضياء والصبر كله خير وقد وردت الكثير من الأيات والأحاديث عن الصبر وفضله لما له من أهمية في حياة الإنسان، فإن كنت في محنة وكرب فالصبر ونيسك ووسيلتك للعبور من ظلمات الكرب إلى نور الفرج، وإن وقع عليك قضاء الله وقدره ففارقت حبيبا أو خسرت عملا أو قل رزقك، فأصبر فبه تؤجر وبه تسلم فما للجزع من خير  فهي أقدار والله يعلم الخير لك وهو وسيلتك وعونك للقيام بما فرض الله عليك من طاعات وهو سيلتك وعونك لإجتاب ما حرم الله عليك من معاصي  وهو وسيلتك وعونك إن أردت القربى من الله بالتنفل فاصبر والأن دعونا نتعرف ماهو الصبر؟

أما عن الصبر في اللغة هو الحبس والمنع أو الكبح، والصبر اصطلاحا: هو مجاهدة النفس على فعل الطاعات واجتناب المحرمات والتسليم لإقدار الله حتى يصير هذا كله عادة وطبع .

إن الصبر واجب شرعي إن تعلق الأمر بفعل الواجبات والوقوف عند حدود الله  لأن القاعدة الفقهية تقول مالم يقم الواجب إلا به فهو واجب قال تعالى:( واستعينو بالصبر والصلاة )  فهنا الله سبحان وتعالى يرشدنا إلى أن نتقوى بهذان العملان لأنهما وسائل قد من الله بها علينا لتكون عونا لنا للامتثال لأوامر الله والانتهاء عن نواهيه و فكيف ستقوم على الصلوات الخمس وفق الشروط الشرعية إلا بالصبر عليهن، وكيف ستؤدي  ماعليك من الصيام في شهر رمضان إلا بالصبر، وكيف ستقوم بمناسك الحج إلا بالصبر وكذا غيره من العبادات وكيف ستنتهي عن المحرمات كالنظر إلى الحرام، و سماع الحرام  و قول الحرام  و فعل الحرام إلا بالصبر، وكيف بالأول ستتعلم علم الدين المتعلق بالفرائض العينية الذي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) إلا بالصبر على مجالسة أهل العلم والدراية الثقات، وكيف سيعلم هذا العالم علم الدين ويصبر على مريدية خلال رحلتهم التعليمية إلا بالصبر ، وكيف ستتحمل رؤية أهلك يعانون من ضيق العيش ونكده مع مقدرتك على أن تأخذ حق غيرك إلا الصبر، لذلك جعل الله على لصبر والصابرين والصابرات أجر عظيما،
قال تعالى:(ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالو إنا لله وإنا إليه راجعون) ، نعم إنه الصبر الذي يجعلنا نقف عن كل حرام وهو الذي يقوينا بمدد من الله تعالى علينا ، وبما أننا مخلوقات حوادث فإن حالنا في تغير و تبدل دائم من رخاء إلى شدة، ومن ضعف إلى قوة، ومن قوة إلى ضعف، ومن سراء إلى ضراء، ومن كرب إلى فرج والعكس، فإن كنا في خير شكرنا الله على ذلك، وإن تغير حالنا فصرنا في ضراء وفتنة صبرنا، فكان لنا خير في كل هذه الأحوال، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له). وفي هذه نذكركم   ببعض ماورد من الأيات الكريمات العظيمات التي تتكلم عن فضل الصبر وجزاء الصابرين ، فتأملوا معي بارك الله فيكم: فقد قال تعالى:(والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)

و  قال تعالى أيضا: (واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)

قال تعالى أيضا : (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)

وقال تعالى أيضا :( والله يحب الصابرين) .... وفي الأخير إن لم تكن من الذين أنعم الله عليهم بالصبر لازلت تستطيع أن تتخلق به مادام فيك روح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وخالق الناس بخلق حسن... .. ومعنى هذا أن مثل هذا الخصال تأتى بالتطبع والتمرن عليها حتى تصبح طبعا وخلقا فيك وسجية جعلنا الله وإياكم من الصابرين الحامدين الشاكرين له في كل حين ، ونسأل أن يغفر لمن علمنا علما نافعا ينفعنا في الدنيا والآخرة ولوالدينا ولذوي الحقوق علينا ، والحمد لله رب العالمين .