آخر تحديث :الإثنين-13 أكتوبر 2025-12:09ص

البر والإحسان إلى الوالدين

الإثنين - 25 أبريل 2022 - الساعة 10:05 م
حسين مصطفى

بقلم: حسين مصطفى
- ارشيف الكاتب



الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، الواحد لا من قبيل العدد، وإنما من قبيل عدم المماثلة والمشابه لأحد من خلقه فلا شبيه له ولا والد ولا ولد ، والصلاة والسلام على خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وبعد:  

دين الاسلام عرف بأنه دين الرحمة، دين الإحسان، دين البر، فقد قال تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) سورة الرحمن (59-60) /وأفضل الإحسان هو ما كان من الولد لأبيه وأمه من هرما وأفنيا عمرهما ليعيش قرير العين هانئ البال ولقد قال تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) سورة البقرة (83-82)/ والإحسان هو أعلى درجات البر فهو اسم جامع لكل معاني الخير من قول وفعل مما يدخل السرور والفرح والود وكل مايجعل المرء يشعر بأن له قيمة ووزنا عند غيره، وما هذا إلا لأن الله أراد أن يجعلهما أوسع الأبواب لدخول الجنة فلم يجعل سقف لبرهما والإحسان إليهما حتى إذا تفانيت ببرهما زادك الله من فضله ، ولتأكيد عظيم أمر بر الوالدين فقد قرن الله سبحانه وتعالى بر الوالدين بالتنزيه عن الشرك فقال تعالى وقضى ربك ألا تعبدو إلا أياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهر هما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) سورة الإسراء( 24-23 )/ , ولقد أراد الله بقوله :( ولا تقل لهما أف ) النهي عن أي قول أو فعل أو حركة تدل على أنهما عبئ ثقيل عليك بل يجب عليك أن تظهر الرضى والفرح والسرور بمساعتهما وإسنادهما فتذكرهما في مأكلك ومشربك وتحمل عنهم إن احتيجو وتخدمهم وتكون عونا لهم في أمور المنزل وخارجه، وهذا ليس بعيب ولا هو فعل أختص به النساء وإنما هو كلام نابع من هوى فقد كان أشرف الخلق وأعظمهم قدرا يقوم بمساعدة أهله في عمل المنزل ويقوم بخدمة نفسه بنفسه ومن البر أيضا أن لا تشعرهم بكبر سنهم قدر المستطاع حين مساعدتك إياهم فإن حملت عن أبيك شئ فلا يكون لسان حالك قائلا لقد عجزت، حتى أن مثل هذه الاشياء صارت ثقيلة عليك ومن البر أيضا وأعظمه إذا رأيتهم قد وقعو في خطاء أو حرام سددتتم ونصحتهم وحثثتهم بأسلوب  على عمل الطاعات والاستزادة منه حتى ترفع من مقامهم عند الله لينالو الجنان العالية وليس من البر السكوت عن منكر صادر أو ظلم من الوالدين والبر هنا يكون في نصحهما ، فمن ذا الذي يحب أن يرى أهله في النار وفي غضب من الله, ومن البر أيضا إكرام أصدقاءهم فلا تنسهم من خيرك والسؤال عنهم والإطمئنان عليهم وخصوصا إن كانو ذو حاجه وأهل إسلام وديانة والتزام،  ومن البر أن تذكرهم بالدعاء و في كل وقت وموضع يستجاب به الدعاء أكثر من غيره بالمغفرة والرحمة والصلاح والسعادة , ومن البر أيضا وعظيمه أن تذكرهم بعد موتهم بالدعاء لهم والاستغفار لهم والتصدق عليهم فهم أحوج مايكون إليك بعد موتهم .
ومن بعض صور البر التي وردت ماروي عن أبي هريرة أنه رأى رجلا يمشي خلف رجل فقال من هذا؟ قال أبي قال:" لا تدعه بإسمه ولا تجلس قبله ولا تمشي أمامه".
ومن قصص البر والإحسان التي وردت أن امراءة تدعى أم معسر طلبت من أبنها ماء في ليلة من الليال فأحضر لها الماء فإذا هي نائمة فما كان منه بر بالوالدته لانه كان يعلم كم ستكون حجم الوقعة والأثر على قلبها حين ستعلم بذلك وكان يرجو بذلك تحقيق معاني البر الذي أمر الله بها أنه انتظرها حتى أصبحت فناولها الماء.

وفي الأخير   ليعلم أن بر الوالدين وطاعتهما لا تكون في معصية الله عز وجل فكثير من الناس يظن بوجوب طاعتهما المطلقة فترى كثير من الأبناء يترك تعلم علم الدين بسبب والديه بدعوى طاعتهما يظن بأن ذلك من البر الذي أمر الله به ولكن هذا ليس بصحيح قال تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) سورة العنكبوت (8-7)/وهذا فقط مجرد مثال من عدة أمثله من واقعنا المعاش , فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

اللهم اغفر لوالدين ولمعلمينا واجعل مثاوهم الجنة وارحم اللهم حيهم وميتهم وبارك لنا في أعمارهم والحمد لله رب العالمين .