يا صاحب القلاب، تاير وراء يلعب
اهازيج يرددها العمال في ذروة العمل بشكل موسيقى سلس و بصوت جميل تطرب لها الاذان السامعة ( دون مراعاة الكلمات) مثلي و غيري فاخصص منذ شهر وهي فترة بداية العمل تقريبا عدة دقائق عند الخروج من المنزل أو الدخول إليه لاستماع تلك الأنغام الخفيفة المحفزة لهؤلاء العمال والذين يعملوا على بناء الحجارة لرصف الخط الرئيسي بزنجبار الممتد من إدارة الثقافة و حتى بوابة المؤسسة الاقتصادية العسكرية حاليا ..
اهازيج العمل هذه متجذرة منذ القدم في العادات والتقاليد اليمنية، وليس في صدد البحث عن نشأتها وانما محاولة لبيان جودتها في فترة زمنية محدودة منذ بداية الثمانينات من القرن المنصرم ( بداية الادراك و الوعي لجيلنا ) وحتى اليوم ،
لا زال بخيالي ترنيمات شجية تملاء آذاني قادم من بعيد ،
ولا اقصد البعد المكاني الجغرافيا وانما البعد الزماني التاريخ (كما أسلفت سابقا بداية الثمانينات )
اهازيج كانت تردد ذلك الوقت و منها:-
ناوله ناوله --- والشقاء باولة
وكذا ،،
والله ما روح الا قاهوه ليل - وعشي وصبح و بن عم الليل .
ترنم العمال بهذه الاهازيج وغيرها بتلك الفترة الزمنية ،
للاهازيج وقت العمل قدرة على مضاعفة الجهد و بث النشاط و مرور وقت العمل بسرعة و الاندماج في جو العمل و نسيان التعب والكسل و غيرها من المزايا ، وكانت الاهازيج قديما للعمل ومن أجل العمل لا تحمل أي تأويل اخر ذلك أن المجتمع كان محافظ و يمتاز بالعفة بالبساطة و التسامح و فوق هذا وذاك كان مجتمع متماسك و فضائل جمة لا يتسع المقام لذكرها ،
وبعد الوحدة اليمنية عام 1990م استهدف هذا المجتمع البسيط المحافظ ( أطلق على المجتمع سياسيا بأنه شوعيا و دينيا أطلق عليه صوفيا ) نعم استهدف بشكل شرس وعنيف حتى إذا قنعوا بما أخذوا و طرحوا قالوا إن المجتمع الان يمر بصحوة دينية ،
على اعتبار أن المجتمع كان جاهل لا يعلم شرائع الإسلام متناسين كيف كان هذا المجتمع يتهادى الجيران ليس المرق فحسب و إنما اللحمة و كسرت الخبز بنفس راضية و أبوابهم مفتحة لبعض ، وهم لا يحفظوا حديث الرسول (ص):-
يا أبا ذر اذا طبخت مرقة أكثر ماءها وتعهد جيرانك ، نعم لا يحفظوا بعض الأحاديث و لكن جسدوا تلك الأحاديث أفعال وخصال وصفاة في تعاملهم اليومي .
ولكن هذه الصحوة التي يتحدثوا عنها شرذمت المجتمع واضعفت كل المجالات و أخلت بالذوق العام،
أي صحوة هذه يتحدثوا عنها والتي تجرد المجتمع من عفة رويدا رويدا و ابلغ مثال على ذلك ما خط براس المقال لواحدة من الاهازيج تردد اليوم في ظل الصحوة الدينية كما يقولون :-
يا صاحب القلاب ،، تاير وراء يلعب
وكذا ،،
ما يبزنا الا القات ،، أما الركب ميتات.
وغيرها من الاهازيج كثير و التي تخدش الحياء و الذوق العام .
وانما بهذه احاول توضيح مفارقة تناولتها من الواقع لشريحة تمثل المجتمع تجاوز العفة .
و ما يقال اليوم من اهازيج لم يكن مسموح به امس ، و لا ندري إلى أين نحن سائرون !! في ظل الهبوط السريع للعفة ،
لقد تناولنا جانبا من واقعنا و هو الإنتاج الفني المتمثل باهازيج العمل فهي ليس اهازيج و حسب بل أسلوب حياة .