آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-08:58م

البسطاء ضحايا الأمراض المزمنة والصراعات في اليمن

الإثنين - 21 أكتوبر 2024 - الساعة 01:42 م
شهاب سنان

بقلم: شهاب سنان
- ارشيف الكاتب


وسط الأزمات السياسية والحروب التي تعصف باليمن، يتجرع المواطن البسيط مرارة الفقر والمرض، متأثرًا بالصراعات التي أنهكت البلاد على كافة المستويات. في ظل انعدام فرص العمل وتراجع الأوضاع الاقتصادية، يعيش الكثير من اليمنيين بلا مصدر دخل، ويعانون من ظروف معيشية قاسية. هؤلاء البسطاء هم أول ضحايا الصراعات السياسية والحروب الأهلية التي تتفاقم بتدخلات خارجية، تسعى لتحقيق مصالحها على حساب حياة الملايين.


أما على الصعيد الصحي، فالأوضاع لا تقل مأساوية. الأمراض المزمنة والمعدية تنتشر بسرعة بين المواطنين، في وقت تعاني فيه المستشفيات والمراكز الصحية من عجز حاد في الميزانيات ونقص في الموارد الطبية. المؤسسات الصحية بالكاد قادرة على تقديم الحد الأدنى من الخدمات في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد. حتى الكوادر الطبية، التي تعمل في ظروف صعبة، لا تتلقى مستحقاتها المالية بشكل منتظم، مما يضعهم تحت ضغط إضافي، حيث لا يستطيعون تلبية احتياجات أسرهم.


خلال عملي في أحد المستشفيات الحكومية في مأرب، ألتقي يوميًا بأشخاص يعانون بصمت، لكن هناك قصة لرجل مسن أثرت فيّ بشكل خاص. يبلغ هذا الرجل من العمر أكثر من سبعين عامًا، ويعيش في مخيم للنازحين. كان يتجول في المستشفى باحثًا عن تسجيل اسمه في مخيم طبي لجراحة المسالك البولية، حيث يعاني من حصوات في كليته اليسرى، بعد أن استأصل كليته اليمنى قبل ثماني سنوات.


رغم حاجته الماسة لإجراء عملية عاجلة لإنقاذ كليته المتبقية وتفادي الفشل الكلوي، لم يكن المخيم الطبي الذي جاء إليه مجهزًا للتعامل مع حالته. هذا الرجل ليس فقط مريضًا، بل يعيل ثمانية أبناء ويعيش في ظروف قاسية داخل مخيم للنازحين. قصته تعكس معاناة آلاف اليمنيين الذين لم يعودوا يجدون من يسمع صوتهم في ظل استمرار الصراعات وتفاقم الأوضاع الإنسانية.


حاولت أن أقدم له المساعدة، لكن ما بيدي كان محدودًا. كل ما استطعت فعله هو أن أعده بنقل قصته إلى منظمات إنسانية وفاعلي الخير لعلهم يتمكنون من تقديم العون. رغم أنه كان في أمس الحاجة للعلاج، إلا أن عزته منعته من طلب المساعدة بشكل مباشر، لكنه وافق أخيرًا على نشر قصته.


هذه القصة ليست استثناءً؛ هي مجرد واحدة من العديد من القصص التي تعكس الواقع المأساوي للنازحين والمحتاجين في اليمن. المستشفيات عاجزة، والمرضى في انتظار الموت بسبب نقص الموارد والدعم.


رسالتي إلى الأطراف المتصارعة : كفى. كفى تجاهلًا لمعاناة هذا الشعب الذي يدفع ثمنًا باهظًا يوميًا. إن استمرار الصراع لن يجلب إلا المزيد من المآسي، ولن ينفعكم لا منصب ولا مال يوم لا ينفع فيه سوى الرحمة بالإنسانية. الشعب اليمني يستحق حياة أفضل من هذا الجحيم اليومي الذي يعيش فيه.


ما ذكرته هنا هو مجرد لمحة من واقع مرير، وقصة واحدة من بين آلاف القصص الإنسانية التي تزداد تفاقمًا كل يوم.