آخر تحديث :السبت-28 يونيو 2025-01:42م

بين السياسة والإنسانية: هدران (أرطغرل أبين) والوداع المؤثر

الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024 - الساعة 08:59 م
محمد ناصر مبارك

بقلم: محمد ناصر مبارك
- ارشيف الكاتب


صبيحة يوم التسليم بين مدراء الخلف والسلف لمكتب الهيئة العامة للأراضي والتخطيط العمراني بمحافظة أبين دخلت مكتب هدران واذا بالموظفين فيه تفر الدموع من اعينهم يبكون وفي حناجرهم غصة وحق لهم أن يبكون فهم يعرفون هدران جيدا فكان لهم نعم المدير ونعم الاخ المعين حكمة وقوة ورحمة وكرم حاتمي لا يتأخر ابدا عن مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم ودعمهم في أي موقف يتعرضون له .


كان منظر جليل ومهيب وحزين أن يودع الموظفون مديرهم بدموعهم التي لم يستطيعوا اخفاءها فقد نال مني هذا المشهد ما نال و اثر علي ايما تأثير .. أنه هدران هذا المدير المقدام الجبير الجواد الكريم الذي يجد المسكين والموظف والضبحان والمريض والمسافر وطالب العلم والقادم على زواج وعابر السبيل واليتيم وكل من قدم إليه يجدون نصيبهم معه. هؤلاء هم المدراء الذين نحن بحاجتهم الذين يعيشون لانفسهم ومجتمعهم وليس لأنفسهم فقط.


سحقا لمقتضيات وضرورات السياسة التي تجعلنا وتفرض علينا أن نخسر النشامى من المدراء وهذا حال السياسة والملك والسلطان منذ التاريخ فقد انتزع الامير سعد الدين من السلطان السلجوقي في مقدونيا الخاضع لحكم المغول قرارا باقالة السيد ارطغرل سليمان شاه من منصب امير القبائل واراضيها رغم أنه هو محرر اراضي القبائل من المغول وقائد مقاومتها فلم تخضع منطقته لحكم المغول ابدا ورغم ذلك ورغم أنه قرار جائر ويراد به تنصيب شخص موال للمغول إلا أن السيد ارطغرل التزم به وسلم احتراما لمفهوم الدولة حتى وان كانت الدولة هشة حينها ولا تمتلك قرارها السيادي والسياسي ..


كما قلنا سابقا إن ضرورات ومقتضيات السياسة والسلطة احيانا تكون صعبة ومؤلمة .. كذلك هدران وآل هدران الذين حموا ارض ابين فلم يستطع أحد أن يقف في وجه الشمج حينها الا طيب الذكر الوكيل محمد صالح هدران رحمه الله الذي تصدى بنفسه وقومه وحراسته الشخصية للشمج في منطقة العلم ودار اشتباك بينهم وأصيب اثنين من مرافقيه وسالت دماؤهم من أجل تحرير صحراء العلم من طمع بعض القيادات العسكرية الشمالية خاصة بعد حرب أربعة وتسعين . رغم أن الشمج يمتلك اكبر قوة عسكرية في المحافظة لواء كامل ولديه خط اتصال مباشر حينها بالرئيس علي عبدالله صالح الا أن هدران تصدى له.


بعده اكمل المشوار ابناؤه وأبناء اخوانه ومنهم ابن أخيه محمد سالم هدران فكان حاميا للحدود الادارية الغربية مع عدن ولحج وفاتحا لصحراء العلم للاستثمار وبناء المدن والمشاريع الاستثمارية واليوم نجد أنفسنا مع ضرورات ومقتضيات السياسة والسلطة التي تتكرر في مراحل من التاريخ هذه المقتضيات التي تحيد الفاعلين الخيرين وتأتي بغيرهم إلا أن هدران سلم احتراما للدولة ولمحافظ ابين ويشكر على ذلك وإن كان سقطت عنه الصفة الإدارية لحماية الأرض فلديه صفة أخرى لن تسقط عنه ابدا فهو ابن ابين واحد رموزها وواجهاتها القبلية والاجتماعية وبهذا هو لازال معني بحماية الأرض من كل الذين يطمعون فيها .


إضافة إلى ما قلناه، للسياسة والسلطة احيانا ضرورات ومقتضيات مؤلمة وموجعة فقد سجل التاريخ تحييد موسى بن نصير وطارق بن زياد فاتحي أقصى شمال افريقيا والأندلس من مناصبهم وبأمر الدولة . والحقيقة أنه لم يتم تحييد هدران من منصبه وانما تم تحييد الفقراء والمساكين والجوعى والضباحى والمحتاجين والمرضى وطالب العلم والمسافر وعابر السبيل والأرامل واليتامى والكثير من الشخصيات الاجتماعية والسياسية نعم تم تحييد جميع هؤلاء بتحييد هدران .


سلام الله على هدران وآل هدران .. سلام الله على الأيادي البيضاء التي امتدت إلى جميع أبناء ابين .


طوبى لكم آل هدران ..

كنتم ولازلتم وستبقون كبارا .


رسالتي:

(وقالوا ... فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها . قال اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!!! ... )