مر عقدٌ من الزمن منذ اندلاع الحرب في اليمن، ومع ذلك، لا يزال الحوثيون يسيطرون على أجزاء واسعة من البلاد، بينما تواجه الشرعية تحديات متزايدة تفاقم أزمتها وتعوق جهودها لتحقيق التحرير.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل لازالت الشرعية قادرة على خوض معركة التحرير بعد عشر سنوات من الفشل؟
غياب الجدية في مواجهة الحوثي
رغم الخطاب المتكرر حول ضرورة استعادة الدولة وهزيمة الحوثي، إلا أن الأداء الميداني والسياسي للشرعية يظهر عكس ذلك. فالمعارك في الجبهات الرئيسية تبدو في حالة جمود، بينما تتفاقم الصراعات البينية داخل مكونات الشرعية، وخاصة نخب الشمال التي اصبحت تسعى خلف مصالحها الشخصية وتناست منهج تحرير البلاد واستعادة العاصمة صنعاء. وهو ما أضعف القدرة على إدارة المعركة بفعالية.
برزت المصالح الشخصية لبعض النخب كعائق أمام تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. فبدلاً من التكاتف لخوض المعركة المصيرية، تحوّلت بعض القيادات المحسوبة على الشمال إلى أدوات لتعزيز نفوذها الشخصي أو الفئوي، مما أدى إلى تآكل ثقة الشارع اليمني بالشرعية وزيادة الإحباط الشعبي.
وفي ظل تعثر معركة تحرير الشمال من قبضة الحوثي، توجهت العديد من نخب الشمال السياسية والعسكرية إلى الجنوب، إما لتعزيز النفوذ أو للاستفادة من الموارد الجنوبية، بدلاً من توجيه الجهود لتحرير أراضيهم.
هذا السلوك أثار استياء الجنوبيين الذين باتوا يشعرون أن المعركة في الجنوب تُستخدم كورقة لتصفية الحسابات، بينما يظل الحوثي يتمدد دون مقاومة جدية في الشمال. حيث أدى هذا الانحراف عن الأهداف الوطنية الكبرى إلى أضعف وحدة الصف وزاد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري.
على الصعيد العسكري المتمثل بالجيش الوطني، الذي يُفترض أن يكون ركيزة معركة التحرير، يعاني من ضعف التنظيم، وغياب الاستراتيجية، والاختراقات التي أدت إلى استنزاف موارده. حيث تكررت حالات الفشل في استعادة مواقع استراتيجية أو الحفاظ على المكاسب الميدانية، ما جعل البعض يتساءل: هل هذا الجيش أداة تحرير أم مجرد واجهة سياسية؟
ولكن ورغم كل هذه التحديات، لا يزال هناك مجال لإعادة تقييم المسار. حيث يتطلب ذلك تغييراً جذرياً في القيادة، وفرض الشفافية، والابتعاد عن المصالح الشخصية، ووضع استراتيجية شاملة تجمع القوى المناهضة للحوثي على هدف واحد.
أخيراً مع التحولات السياسية الضخمة والغير مسبوقة التي تشهدها المنطقة ككل بتقليص نفوذ إيران والقضاء عليه، فإن الشرعية باتت أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن تصحح مسارها وتُثبت جديتها في استعادة الدولة، أو أن تظل رهينة للفشل، مما يعني استمرار معاناة اليمنيين وتفاقم أزمتهم الإنسانية.