مرَّ أكثر من شهرين ولا يزال آلاف الطلاب محرومين من حقهم الأساسي في التعليم ، نتيجة إضراب المعلمين المستمر بسبب تأخر صرف رواتبهم وانعدام أي استجابة من الحكومة لحل هذه الأزمة .
وفي ظل هذا الواقع ، يعاني النظام التعليمي من شللٍ كامل ، مما يهدد مستقبل جيل كامل من الشباب .
يأتي هذا الاضراب في وقت تعيش فيه البلاد انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق ، حيث فقدت العملة المحلية قيمتها بشكل كبير ، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى مستويات قياسية .
هذه الظروف دفعت المعلمين، الذين كانوا يعانون أصلًا من تدني الأجور ، إلى المطالبة بحقوقهم عبر الإضراب ، في محاولة للضغط على الحكومة لإيجاد حلول ملموسة .
وعلى الرغم من مرور شهرين على الأزمة ، إلا أن الجهات الحكومية المعنية لم تقدم أي حلول جدية لتسوية رواتب المعلمين أو معالجة الوضع المتأزم ، في حين أن هذه الفترة كانت كافية لحل الأزمة لو توفرت النوايا الصادقة ، فإن التجاهل المستمر يظهر عدم وجود أي استشعار بالمسؤولية تجاه الطلاب الذين أصبح مستقبلهم على المحك.
ما يزيد الطين بلة أن الحكومة غارقة في الفساد ، وتعيش في المنفى ، وتتبع سياسات إدارية غير فعالة ، حيث تذهب موارد البلاد إلى جيوب المسؤولين والقيادات العليا ، دون أي مردود ينعكس على المواطنين .
فالميزانيات الضخمة التي تُخصص للمسؤولين والقيادات العسكرية تُصرف بالعملة الصعبة ، في وقت تعاني فيه خزينة الدولة من الانهيار ، بينما يزداد الفقر والمعاناة بين المواطنين .
رئاسة وحكومة ووزراء ووكلاء ومدراء وسفراء واحزاب ومكونات يستنزفون خيرات البلد ، والانتاج الذي يقدمونه للبلد والمواطن صفر ، وجودهم وعدمهم سواء ، فما الحاجة لكل هؤلاء والبلاد على كف عفريت ، وتسير نحو المجهول ؟ .
مع العلم انه يمكن اتخاذ اجراءات بسيطة وسريعة لإنهاء حالة البؤس والمعاناة التي يعيشها الشعب ، منها وقف موارد البلد التي تذهب لصالح اشخاص معينين ، ووقف صرف المعاشات بالعملة الاجنبية لكافة قيادات الدولة والتشكيلات العسكرية المختلفة ، التي ارهقت خزينة الدولة ، ويتم صرف معاشاتهم بالعملة المحلية ، مع اغلاق كافة دكاكين الصرافة التي اصبحت سببا رئيسا في تدهور العملة ، وعلى الحكومة أن تدرك أن إنقاذ التعليم ليس رفاهية ، بل ضرورة وطنية ، و أي تأخير في معالجة الأزمة سيؤدي إلى كوارث أكبر على المدى الطويل .