آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-12:07ص

" لملس حين افلس "

الجمعة - 14 فبراير 2025 - الساعة 04:08 م
حسين سالم العولقي

بقلم: حسين سالم العولقي
- ارشيف الكاتب


يمكن للمواطن العادي أن يبقى على قيد الحياة حتى وإن اضطر إلى تناول لحم فاسد، لكن هل يمكن للمريض بحالة حرجة أن ينتظر إصلاح مستشفى يفتقر إلى الكهرباء و الدواء؟ وهل يستطيع العاطل عن العمل الصمود بينما تنهش البطالة أحلامه؟ في عدن تتراكم الأزمات، وتطرح التساؤلات نفسها: هل تبدأ معركة الإصلاح من المسالخ، أم من حيث يتجذر الألم الحقيقي للناس؟

مؤخراً، ظهر محافظ عدن أحمد لملس في زيارة تفقدية لمسلخ المدينة، ليكتشف مواطن الخلل ويوقف مدير المسلخ ونائبه عن العمل. زيارة وإن حملت على عاتقها شعارات الرقابة والضبط، إلا أنها جعلتنا نتساءل: لماذا المسالخ؟ ألم تكن هناك أولويات أكثر إلحاحًا ووجعًا؟

يا سيدي عدن اليوم ليست بحاجة لتفقد مواطن اللحم بقدر حاجتها لتفقد مواطن الكهرباء، الماء، الصحة، وصرف الرواتب والطرق المتهالكة التي تحولت إلى “مقابر مفتوحة” للمركبات.

نحن لا نعترض على الرقابة على المسالخ، فصحة المواطن أولوية، لكن دعونا نكن واقعيين. كم عدد الذين ماتوا من تناول لحوم فاسدة مقارنة بمن ماتوا نتيجة سوء التغذية وتدهور الخدمات الصحية والظلم والقهر أليست عدن اليوم أشبه بمسلخ بشري، حيث يذبح المواطن يوميًا بسيف الفساد وغياب الخدمات؟

نحن شعب يأكل الأخضر واليابس ولا اظن تفرق معنا ان كانت اللحمة طرية ام فاسدة !

وعموماً الكهرباء هي شريان الحياة. وكل لحظة انقطاع لها هي بمثابة طعنة جديدة للمواطن. وإذا كان سعر اللحم قد وصل إلى 20 ألف ريال يمني، فإن المواطن يمكنه – وإن بصعوبة – أن يستغني عنه ويعيش على العدس والفاصوليا، لكن كيف يستغني عن الكهرباء!

لم يقف الامر هناء فحسب .. حتى الأموات الذين يرقدون بسلام تعفنت جثثهم في مستشفيات المدينة

والمؤسف أن زيارته للمسلخ تبدو وكأنها حركة استعراضية استهدفت الحلقة الأضعف.

نتمنى أن يكون لدى السيد المحافظ الجرأة ذاتها لزيارة “مسالخ الفساد” الحقيقية: تلك المكاتب المكيفة التي تنهب موارد المدينة، وتلك الصفقات المشبوهة التي تبيع مستقبل المواطنين.

المواطن، يا سادة لم يعد يطالب بالمستحيل. نحن لا نحلم بعدن مضاءة مثل باريس، ولا نريد لحومًا مثل كوبا، ولا خدمات ترفيهية مثل جزر المالديف. كل ما نريده هو كهرباء مستقرة، وخدمات صحية ، وصرف المرتبات .

ختامًا، نقولها بمرارة: إذا أراد المحافظ أن يحارب الفساد، ليبدا من الرأس. وإذا كان يؤمن بأن الزيارات التفقدية اليومية هي الحل، فليبدا بزيارة قلوب المواطنين التي ذبحتها الوعود الزائفة، وليسمع أنينهم قبل أن تُخرسهم ظروف الحياة القاسية ''